لم تعد كاميرا اليوم مثل كاميرا الأمس، هي مع هذا التطور الهائل في عالم التصوير أصبحت اليوم صورة نابضة حية تكاد الصورة تقول أنا لست صورة بل أنا المشهد حيا كما هو، واليوم تريد شرطة السجون الإسرائيلية وضع هذه الكاميرات فوق رؤوس نسائنا المعتقلات في سجونهم لنقل وبث كل حركة وسكنة ولا يخفى على أحد أن هذا سجن جديد داخل السجن، إذ لا يكفيهم أن تقيد المعتقلة بالجدران العاتية والأقفال الحديدية لبوابات ثقيلة متعددة ونوافذ ضيقة تتقطع من خلال دوامر حديدية عريضة وقيود في اليدين والرجلين عند كل حركة للعيادة مثلا أو الزيارة أو النقل عبر البوسطة المؤللة بالحديد من سجن لآخر ..
ومع كل هذه القيود المدمرة لنفسية المعتقلة، أضافوا هذا القيد الجديد والذي يعد أثقل من كل تلك القيود، تصبح المعتقلة تحت المجهر وتحت البث المباشر على مدار الساعة بكل سكناتها وحركاتها، ماذا يريدون أن يكتشفوا غير الذي اكتشفوه في مرحلة التحقيق حيث تخضع كل أسيرة إلى مدة من التحقيق القاسي ليمحص ما في صدرها من أسرار وأفكار، وبعد اكتمال ملف التحقيق هل ثمة أمور أخرى تريدها تحقيقاتهم الأمنية؟ الكاميرات لا تكتشف أي جديد على هذا الصعيد ولكنها عملية تنكيلية لا أكثر ولا أقل، هي إمعان في احتقار المرأة الفلسطينية وإمعان في تصنيف الإنسان الفلسطيني بأنه ليس من جنس البشر ولا يستحق أن يعامل كإنسان.
وهذا دليل قاطع على أنهم لا يعطون أي اعتبار لثقافة وعادات وتقاليد الآخر الذي يحتلونه، إذ من المفروض لأمة تحترم نفسها أن تحترم غيرها بمكوناته الثقافية ومن المعروف أن للمرأة والأعراض اعتبارا خاصا في ثقافة العرب، هم يدوسون على الآخر ولا يعطون أي اعتبار لأي شيء من اعتبارات هذا الآخر، هم لا يرون إلا أنفسهم، هم الإنسان الراقي والمفضل والذي يسستحق كل الاعتبار بينما الفلسطيني عندهم مجرد كائن حي لا يستحق الحياة كالصراصير والبعوض والأفاعي، فماذا يعني لديهم انتهاك خصوصية المرأة الفلسطينية؟ وماذا يعني لهم الإنسان الفلسطيني سوى أنه غير جدير بأدنى درجات الاعتبار أو الاحترام؟
لن تقبل حرائرنا هذه الجريمة المفتوحة أن توضع تحت مجاهرهم، وستبقى حالة نضالية مفتوحة في مواجهة هذه السادية المفرطة وليضف إلى سجلاتها الإجرامية المزيد من هذا الطغيان. وليعرف كل أحرار العالم ماذا يصنع هؤلاء بحرائر فلسطين.