أطلق شاب فلسطيني النار على ثلاثة مستوطنين من مسافة قريبة في المنطقة الصناعية المعروفة باسم (بركان) قرب مستوطنة ارئيل قرب سلفيت شمال الضفة الغربية فجر أمس، فقتل اثنين وأصاب ثالثا بجروح بالغة.
العملية البطولية تأتي في ذكرى اندلاع انتفاضة القدس، وفي ظل استمرار سياسة التنسيق الأمني، وبعد إعلان ترامب توقيعه على قانون يحظر تمويل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية من قبل الإدارة الأمريكية.
قد تكون العملية فردية قام بها هذا الشاب الفلسطيني الثائر لدوافع مختلفة، والتطور اللافت أن ينتقل العمل الفردي من السكين إلى السلاح وهو ما يشكل نقطة تحول في مسيرتنا النضالية، أما إن كانت عملية منظمة تقف إحدى الفصائل خلفها فهذا يعني أن الفصائل الفلسطينية بدأت تبني خلايا لها في الضفة الغربية رغم الملاحقة الأمنية، أو أن قيادة السلطة بدأت تخفف من قبضتها لإيصال رسائل لترامب والعالم أجمع بأن إيقاف تمويل السلطة سيكون ثمنه عدم الاستقرار.
لكن الثابت الذي يقف خلف العملية هو استمرار الاستيطان وتوحش ميلشياته على الحواجز، ما يصنع حالة غضب فصائلية أو فردية لدى المجتمع الفلسطيني لا سيما في ظل انسداد الأفق السياسي وتعثر عملية السلام، وحجم الجرائم التي ترتكبها (إسرائيل) تجاه المدنيين في مسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزة.
•جلسة المجلس المركزي: من المقرر أن يعقد المجلس المركزي اجتماعاً يوم 26/10/2018م لبحث تطورات المشهد السياسي بعد خطاب الرئيس محمود عباس الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتخاذ قرارات مهمة ضمن مسارين:
الأول مرتبط بمواجهة مخططات ترامب وإدارته، والثاني: داخلي فلسطيني مرتبط بالإجراءات العقابية الجديدة التي من المحتمل أن يذهب إليها عباس مبرراً تلك الإجراءات بخطوات إنهاء الانقسام.
قد يعيد التاريخ نفسه، ففي جلسات المجلس المركزي في الشهور الأخيرة اتخذ مجموعة من التوصيات، وأطلق الرئيس مجموعة من التصريحات النارية ضد الإدارة الأمريكية وصفقة القرن والاحتلال الإسرائيلي، ولكن على أرض الواقع لم ينفذ منها شيء، فما الجديد الذي حدث كي يطبق الرئيس توصيات المركزي القادمة..؟
أما على صعيد الإجراءات العقابية الجديدة فقد يكون القرار الأسهل للرئيس اتخاذه، وتطبيقه على الأرض، وهو ما يلقي بتداعياته على جميع مناحي الحياة في قطاع غزة وقد يدفع حماس وبعض الفصائل والشرائح المجتمعية لاتخاذ خطوات مقابلة قد تدفع غزة باتجاه الانفصال الكلي عن الضفة الغربية، وربما المواجهة الشاملة مع (إسرائيل)، لأن سيناريو التكيف والقبول بالواقع لم يعد مقبولاً شعبياً، وحينها لن يكون لغزة ما تخسره، وستدفع (إسرائيل) ثمن تلك العقوبات الجائرة لو تم فرضها، كما سيدفع النسيج المجتمعي هو الآخر الثمن.
•المصالحة الفلسطينية: واضح من بيان حماس الأخير حول جولة وفدها للقاهرة أنها تؤكد أحد الاحتمالات الآتية:
-ما زالت الحوارات مستمرة، ولم تكتمل الملفات كي تعلنها حماس للرأي العام.
-فشل المصالحة تمامًا، ولا تريد حماس إعلان ذلك لعدم إحراج القاهرة وترك الباب موارباً أمامها.
-عدم مناقشة ملف المصالحة أصلاً، وما يجري هو حوارات بمسارات أخرى كصفقة تبادل أو التهدئة أو العلاقات الثنائية.
رؤيتي التي تستند لتحليل البيئة السياسية محلياً وإقليمياً ودولياً تدعم أن المصالحة ما زالت بعيدة، ولن تتحقق خلال الفترة المقبلة، وإن تحققت في تلك البيئة ستكون مصالحة هشة سرعان ما تتعثر.