تعدّ خطة بلدية الاحتلال لإنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في شرقي القدس المحتلة، ومصادرة مؤسساتها التعليمية، خطوة عملية أولى في المخطط الإسرائيلي الأمريكي لإنهاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، كما يرى مراقبون.
وجاءت الخطة بعد حوالي شهر من إعلان الإدارة الأمريكية عن قطع الدعم الأمريكي للأونروا. وقضت الخطة بسلب الوكالة جميع صلاحياتها وإنهاء عملها وإغلاق جميع مؤسساتها في المدينة، بما في ذلك المدارس والعيادات.
ويرى أستاذ العلوم السياسة في جامعة القدس د. سعيد زيداني، أن سلطات الاحتلال تبذل محاولات حثيثة، لا سيما في الآونة الأخيرة، من أجل فرض سيطرتها على شطري القدس لتوحيدها من ناحية، وتعزيز انفصالها عن المحيط الفلسطيني من ناحية أخرى.
وأكد زيداني في حديث لصحيفة فلسطين، أن الذي شجع الاحتلال على ذلك هو اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، ونقل سفارتها إليها.
وأضاف: "تسعى حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة إلى ضم القدس فعليًّا، وتوحيدها على المستويات كافة، بما في ذلك المدارس والمناهج التعليمية، مشيرًا إلى أن سلطات الاحتلال تريد فرض معادلة "سكان القدس هم سكان في (إسرائيل)، ومقيمون دائمون فيها".
وتابع زيدان: "بعد إعلان أمريكا وقف تمويل الأونروا، تسعى حكومة الاحتلال إلى استبدال مدارس ومناهج الأونروا بأخرى إسرائيلية، وتريد فرض تعليم اللغة العبرية، وهكذا"، لافتًا إلى أن هذه المساعي تواجه بصمود مقدسي، إذ يرفض المواطنون الفلسطينيون ففي القدس هذه الأفكار والمخططات.
وأشار إلى أن المقدسيين على استعداد كامل لاستمرار التصدي للمخططات الإسرائيلية والأمريكية التي تهدف إلى تصفية حق العودة.
وشخّص الواقع الذي تعيش المدينة المحتلة بالقول: "واقع الحياة في مدينة القدس، يساعد حكومة الاحتلال في فرض سيطرته، إذ لا وجود لمؤسسات السلطة الفلسطينية بحسب الاتفاقات الموقعة بينها وبين الاحتلال، عدا عن أنها لا تعمل بما يكفي لمناهضة المخططات الإسرائيلية التي تنفذ يومًا بعد يوم".
وتابع: "الاحتلال يرصد ملايين الشواقل لتنفيذ مخططات داخل مدينة القدس، وفي ذات الوقت الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية لا تجنّد الحد الأدنى من الأموال اللازمة لتعزيز مكانة المؤسسات المقدسية الفلسطينية".
وطالب زبدان السلطة الفلسطينية بالوقوف عند واجباتها تجاه القدس، وتعزيز صمود المقدسيين في التصدي لمخططات الاحتلال، مشيرًا إلى أن "تسول العواطف من السفارات الدولية لن يجدي نفعًا".
هدف قديم
من جانبه قال رئيس الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية د. مهدي عبد الهادي، إن الاحتلال يسعى منذ 1967 إلى إفراغ شرق القدس من الفلسطينيين.
وأوضح أن الاحتلال يريد تغيير الطابع الفلسطيني العربي الموجود في مدينة القدس، ورصد في سبيل ذلك 2 مليار شيقل، في محاولة لصهر المجتمع المقدسي في الأجندة الإسرائيلية.
وبين أن محاولات الاحتلال لتهويد طابع المدينة يجري من خلال ضخ الأموال للمدارس وتقديم الدعم لها ومحاولة إغواء القائمين عليها لتعديل واستبدال المناهج العربية، ونشر اللغة والثقافة العبرية، مشيرًا إلى أن المقدسيين يتعاملون بوعي مع مخططات الاحتلال ويواجهونها بصمود أسطوري.
وكانت "الأونروا" أعربت عن قلقها إزاء تصريحات رئيس بلدية القدس المحتلة. وقالت في بيان صحفي في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول: "إن الوكالة مكلفة تحديدًا من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقديم الحماية والمساعدة للاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها شرقي القدس، وإن مثل هذه التصريحات تتعارض مع المبادئ المحورية للعمل الإنساني النزيه والمستقل ولا تعكس الحوار والتفاعل النشط والمنظم".
فيما أكدت وزارة التربية والتعليم العالي في بيان لها، على خطورة قرار بلدية الاحتلال في القدس المحتلة بتصفية عمل وكالة "أونروا" في المدينة وإيقاف عملها بما يشمل إغلاق سبع مدارس ينتفع من خدماتها التعليمية نحو 1800 طالب.
وشددت الوزارة على أن القرار يأتي ضمن الحملة الشرسة التي يشنها الاحتلال لتهويد مدينة القدس ومحو هويتها الفلسطينية؛ خاصةً من خلال استهداف قطاع التعليم وسعيه الدائم لضرب المنظومة التربوية بأكملها في المدينة المقدسة؛ مضيفةً أن القرار يندرج ضمن سلسلة خطوات خبيثة –تساوقت معها الإدارة الأمريكية- ترمي أيضًا لتصفية عمل وكالة الأونروا التي تقدم الخدمات الإنسانية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين.