"نحن شعب لا يهاب الموت والصعاب" هكذا يُمكن وصف مشهد مشاركة عشرات الآلاف من الجماهير الفلسطينية في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، في الجمعة الثامنة والعشرين التي حملت اسم "الصمود والثبات".
مشاهد الصمود والثبات كانت حاضرة بقوّة بين المشاركين في ميادين العودة من مختلف أطياف الشعب، على بُعد أمتار من السياج الفاصل الذي يختبئ خلفه جنود الاحتلال المدججون بالسلاح والقناصة، ويعتلون السواتر الرملية.
الحاجة رِفعة نعمان (59 عاما) إحدى المشاركات في مسيرات العودة، كانت تتقدم خطوة تلو الأخرى، باتجاه السياج الفاصل، وهي تلوّح بإشارة النصر لشبان "وحدة الكاوشوك" أثناء وصولهم خيام العودة في منطقة "ملكة" شرق مدينة غزة.
علامات الحماسة والقوّة تجسدت في الحاجة نعمان، حينما أكدت لـ"فلسطين"، أنها تُشارك في مسيرات العودة منذ انطلاقها في الثلاثين من شهر آذار/ مارس الماضي دون انقطاع.
وتقول نعمان: "لا ترهبنا تهديدات الاحتلال ولا قذائفه التي يصوبها تجاه المشاركين في مسيرات العودة، ومشاركة الآلاف من جميع الفئات تُثبت ذلك".
لم تتوقف مشاركة الخمسينية، على الحدود الشرقية لغزة فحسب، بل تُشارك في المسيرات البحرية، برفقة أبنائها الذين يعملون في مهنة الصيد, وفق قولها.
وتناشد قيادة السلطة والدول العربية والإسلامية، الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، والضغط على الاحتلال لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة، منذ أكثر من 12 عاماً.
وتختم حديثها "سأواصل مشاركتي في مسيرات العودة لآخر يوم في حياتي، رغم جرائم الاحتلال ضدنا، وسنعود إلى أراضينا المحتلة بإذن المولى".
على بُعد 300 متر، كان الشاب محمد زوّيد (32 عاما) يسير على "عكازين"، بفعل إصابته في الجمعة الأولى لمسيرات العودة.
"إما حياة تسُر الصديق وإما ممات يغيظ العدا" بهذه العبارة افتتح زوّيد حديثه مع "فلسطين"، في إشارة إلى إصراره على المشاركة في المسيرات السلمية، دون أن يأبه لجرائم الاحتلال.
ويقول: "رغم إصابتي في القدمين إلا أنني جئت للمشاركة في مسيرات العودة، للتأكيد على ضرورة رفع الحصار عن غزة، وحقنا في العودة للأراضي المحتلة".
ويشدد "نحن شعب مُحاصر لذلك يجب علينا التعبير عن رفضنا وغضبنا على ذلك، من خلال المشاركة في مسيرات العودة، ويجب على الاحتلال أن يفك حصاره عنا".
ويضيف: "ها نحن نواجه جيش الاحتلال، ومستعدون للتضحية حتى آخر قطرة دم فينا"، داعياً في الوقت ذاته، السلطة لرفع عقوباتها عن قطاع غزة، والتي أثرّت سلباً على سكانه.
أما المُسن دياب زقوت (71 عاما)، يحاول الاقتراب أكثر من السياج الفاصل، فيقول: "أنا رجُل مُسن ولا أستطيع الذهاب أكثر إلى السياج الفاصل، لكنّي لن أتراجع عن المشاركة في مسيرات العودة".
ويضيف زقوت لـ"فلسطين": "نحن شعب لا نخاف تهديدات العدو الإسرائيلي، والدليل على ذلك، هذه الحشود الكبيرة المشاركة في المسيرات اليوم".
ويشدد على أن "المشاركة الجماهيرية تزداد يوما بعد يوم، فالجراح والآلام تخلق من جديد نضالا وكفاحا، ولن نلتفت لكل المثبطين والمتآمرين على شعبنا".
المواطن أبو شادي (55 عاما)، كان يرافق المُسن زقوت، خلال الاقتراب نحو السياج الفاصل، فيقول: "مستمرون في المشاركة بمسيرات العودة، حتى آخر نفس فينا، وأرواحنا وأموالنا فداء لفلسطين".
ويؤكد أبو شادي، أن مشاركته في المسيرة تعاظمت، "بعدما تكشفت سياسة قيادة السلطة أكثر وتساوقها مع الاحتلال بل تآمرها معه ضد الشعب" وفق قوله.
ويصف قيادة السلطة بـ"الخائنة"، لأنها ساعدت الاحتلال على الحصار والظلم وقتل أبناء الشعب الفلسطيني، في سبيل توفير الأمن والأمان لجيشه، في إشارة إلى "التنسيق الأمني".
ويُطالب الكل الفلسطيني والعالمين العربي والإسلامي بالضغط على الاحتلال، لرفع حصاره الظالم عن غزة الذي أثّر على كل مناحي الحياة.
وانطلقت مسيرات العودة في الثلاثين من آذار/ مارس الماضي، بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ 42 ليوم الأرض الفلسطينية، فيما شهد يوم الرابع عشر من مايو مجزرة إسرائيلية بحق المتظاهرين التي ارتقى خلالها نحو 60 شهيدا.

