فلسطين أون لاين

في غزة.. مواطنون يكافحون لدفع الفقر

...
صورة تعبيرية
غزة- أدهم الشريف

يقول محمود حسونة الذي يدير محلاً تجاريًا إنه لا يقضي وقتًا داخل محله المخصص لبيع الشالات والأغراض النسائية، بقدر ما يقضيه جالسًا على كرسي أمام بوابته تحت أشعة الشمس.

ويعود ذلك إلى تراجع الحركة الشرائية في أسواق غزة إثر تردي الأوضاع المادية للمواطنين في قطاع غزة.

ويضيف حسونة لصحيفة "فلسطين": "في بعض الأيام لا يدخل المحل ولو مشتريًا واحدًا لأن غالبية المواطنين أصبحوا لا يملكون المال لشراء ما يحتاجون".

وتابع: "لم تمر ظروف صعبة على البائعين والتجار كما في هذا الوقت بفعل العقوبات (التي تفرضها السلطة) والحصار على غزة، وبسببهما أصبح بعض المواطنين لا يملكون قوت يومهم".

وتفرض (إسرائيل) حصارًا مشددًا على قطاع غزة الذي يعيش فيه مليونا مواطن، في 365 كيلومتر مربع، ولم تنصع بعد للمطالبات المحلية والدولية بإنهائه رغم تداعياته الخطيرة.

وفي إبريل/ نيسان 2017م، فرضت السلطة في رام الله إجراءات عقابية شملت تقليصات على رواتب موظفيها في غزة، وإقرار قانون التقاعد الإجباري، وإجراءات أخرى ألحقت آثارًا خطيرة بالأوضاع الإنسانية.

والمشكلة التي يعاني منها حسونة، هي ذاتها التي تواجه السواد الأعظم من التجار وأصحاب المحلات التجارية في القطاع الساحلي ذي مصادر الدخل المحدودة.

كما ترك استمرار الحصار والعقوبات آثارًا خطيرة على شركات القطاع الخاص في غزة، التي سرّحت آلاف العاملين لديها في مختلف التخصصات إثر تأثرها ماليًا.

ويقول شبان فضلوا عدم ذكر أسمائهم، إن شركات محلية كبيرة أنهت عملهم بعد سنوات طويلة من العمل لديها.

ويضيفون لصحيفة "فلسطين": "لقد بتنا دون مصدر دخل لنا ولعائلاتنا (..) لم نترك بابًا إلا وطرقناه بحثًا عن عمل جديد، لكن دون جدوى".

وكان موظفو السلطة في غزة خرجوا مسبقًا في تظاهرات ضد تأخير صرف الرواتب وتقليص بنسب تتراوح بين 50% و70 % لكن السلطة أبقت لاحقا على صرفها لموظفيها بنسبة 50%.

ولم تشمل إجراءات السلطة موظفيها في الضفة الغربية المحتلة.

ويقول عماد، وهو اسم مستعار لموظف في السلطة رفض كشف اسمه، إن تقليص الرواتب أفقده القدرة على تلبية احتياجات أسرته.

ويضيف لصحيفة "فلسطين"، إنه لم يمر بهذه الظروف منذ أن عمل في السلطة قبل أكثر من 15 سنة.

وكان البنك الدولي حذر قبل أيام من أن تردي الأوضاع الاقتصادية في فلسطين بات مثيرًا للقلق، مع دخول قطاع غزة مرحلة الانهيار الاقتصادي، فيما تتعرض الخدمات الأساسية المقدمة للسكان إلى الخطر في ظل شح السيولة.

وأكد البنك الدولي أن الوضع الاقتصادي في غزة آخذ بالانهيار تحت وطأة حصار مستمر منذ 10 سنوات، وشح السيولة في الفترة الأخيرة، وذلك على نحو لم تعد معه تدفقات المعونة كافية لحفز النمو.

وبين أن هذا "أسفر عن وضع مثير للقلق، حيث يعاني شخص من كل اثنين من الفقر، ويصل معدل البطالة بين سكان قطاع غزة الذين يغلب عليهم الشباب إلى أكثر من 70 %".

وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأمريكية برام الله د. نصر عبد الكريم، إن أبلغ تقييم للحالة الاقتصادية بغزة، هو الوضع المعيشي لمعظم السكان في قطاع غزة.

ونبَّه عبد الكريم في حديث مع صحيفة "فلسطين" إلى تحذير البنك الدولي من إمكانية عدم تمكن المواطنين من الحصول على خدمات أساسية إذا ما استمر الحصار والتباطؤ في إعادة الإعمار، وكذلك استمرار الانقسام، وتراجع إنفاق السلطة على غزة.

وأكد أن هذا ينذر بمزيد من الصعوبات على الاقتصاد، في ظل ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، لافتًا الانتباه إلى أن معدل النمو في الناتج المحلي بغزة تراجع إلى 6% مستندًا إلى أرقام صادرة على جهاز الإحصاء المركزي.

وعبر عبد الكريم عن خشيته أن يؤدي ذلك إلى مزيد من تردي الحالة الاقتصادية، منبها إلى ضرورة إنهاء الانقسام.