تعثر المصالحة الفلسطينية يرجع إلى أسباب كثيرة، أهمها انعدام الشراكة السياسية، ورغبة قيادة السلطة في التفرد بالقرار، والإصرار على المطالبة بتمكين السلطة الفلسطينية من ناصية قطاع غزة، وتطبيق ما يجري من سيادة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على قطاع غزة.
من هذا المنطلق، أقترح أن توافق حركة حماس على تمكين السلطة من غزة بالقدر ذاته الذي تتمكن فيه السلطة على أرض الضفة الغربية، مع العدل والمساواة في التطبيق، ووفق ما هو قائم على أرض الواقع هذه الأيام، والذي يلتزم حرفيًّا بنصوص اتفاقية أوسلو، والتي قسمت أرض الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق:
1- منطقة A، حيث السيادة الإدارية والأمنية والاقتصادية الكاملة للسلطة الفلسطينية، رغم ما يشوبها من اختراق للجيش الإسرائيلي، واقتحامات يومية لهذه المنطقة.
ولتطبيق ذلك على أرض غزة، فإن منطقة A في الضفة الغربية سيقابلها منطقة A في غزة، حيث يسمح للسلطة الفلسطينية بالسيطرة الإدارية والمالية والاقتصادية والحياتية الكاملة على الوزرات والمعابر والحدود والمؤسسات الرسمية، ولا يسمح لحركة حماس إلا بالاختراق المحدود، وبالقدر نفسه الذي يخترق فيه الجيش الإسرائيلي منطقة A في الضفة الغربية.
2- منطقة B ، حيث السيادة الإدارية والمالية والاقتصادية الكاملة للسلطة الفلسطينية، مع التقاسم الأمني في هذه المنطقة بين أجهزة الأمن الفلسطينية والأجهزة الأمن الإسرائيلية.
منطقة B في الضفة الغربية سيقابلها منطقة B في غزة، حيث السيادة الإدارية والحياتية للسلطة على الجباية والقضاء وسلطة الأراضي، مع التقاسم الوظيفي بين السلطة وحركة حماس في المقرات الأمنية والشرطية والدفاع المدني.
3- منطقة C، حيث السيادة الأمنية والإدارية والحياتية الإسرائيلية الكاملة، وعدم امتلاك السلطة الفلسطينية أي نفوذ في هذه المنطقة التي تشكل ما نسبته 62% من مساحة الضفة الغربية.
منطقة C هذه يقابلها منطقة C في غزة، بحيث تكون السيادة الأمنية والإدارية في هذه المناطق لحركة حماس بالكامل، ولا يحق للسلطة المطالبة بأي سيادة على مساحة 62% من أرض غزة، حيث توجد المقاومة، ومناطق التدريب وتخزين السلاح، والتجهيز والإعداد لمواجهة العدو.
ومن منطلق العدل في التطبيق، على السلطة الفلسطينية ألَّا تتدخل في توسع حماس الاستيطاني، أو إقامة منشآت في مناطق نفوذها، وعلى السلطة أن تكتفي بالشجب والاستنكار والإدانة، تمامًا كما يجري التعامل مع المستوطنات اليهودية على أرض الضفة الغربية.
هذا المقترح الساخر أقدمه لبعض الفلسطينيين الذي يطالبون بالتمكين في غزة فوق الأرض وتحت الأرض، ومن الباب إلى المحراب، وهم لا يتمكنون من السيطرة على مقبض باب غرفة نومهم في الضفة الغربية.
هذا المقترح الساخر يقوم على افتراض أن حركة حماس ليسوا عربًا فلسطينيين، وإنما يهود، وصهاينة غزاة، ومحتلين لغزة، فالمنطق يقول: طالما ارتضت السلطة الفلسطينية للسيطرة الإسرائيلية على منطقة C بالكامل، ولها وجود شكلي على منطقة B، ولا سيطرة كاملة لها على منطقة A، فعلى قيادة السلطة أن ترتضي لحركة حماس العربية الإسلامية ما ارتضته للحركة الصهيونية، وللمستوطنين اليهود في الضفة الغربية!
والصحيح يقضي بأن تتكئ قيادة السلطة الفلسطينية على كتف حركة حماس، وأن تستند إلى ظهر المقاومة، حتى تتمكن من أرض الضفة الغربية بالكامل، لتجد نفسها تلقائيًّا قد تمكنت من غزة دون حاجة إلى حوارات ولقاءات ومفاوضات ومشاورات وتصريحات وبيانات وتهديدات.