فلسطين أون لاين

"جرحى العودة" يستهدفهم الاحتلال برصاصه ويحرمهم العلاج

...
أحد مصابي مسيرة العودة (أ ف ب)
غزة - جمال غيث

يتنظر عدد من جرحى مسيرة العودة وكسر الحصار، على بوابات مقر منظمة "أطباء بلا حدود" في غزة، في محاولةٍ منهم للحصول على الأدوية والرعاية الصحية التي يحتاجونها لنقصها بمستشفيات قطاع غزة، بفعل الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 12 عاماً، وعقوبات السلطة ومنع إرسال الأدوية للقطاع.

ويتكئ مصابون على عكاكيز طبية، بانتظار موعد عرضهم على أطباء اختصاصيين لتوفير احتياجاتهم من الأجهزة الطبية والأدوية، لعدم مقدرتهم على توفيرها بعد أن أقعدتهم رصاصات الاحتلال وجعلتهم عاطلين عن العمل.

وتتعمد قوات الاحتلال المتمركزة في ثكناتها قرب السياج الفاصل شرق قطاع غزة، إطلاق النار على المتظاهرين السلميين في محاولة منها لردعهم عن المشاركة في مسيرة العودة التي تنادي بحق عودة اللاجئين إلى قراهم التي هجروا منها عام 1948، ورفع الحصار الإسرائيلي المتواصل.

عاطل عن العمل

ويحاول بلال مطران (23 عامًا) تشتيت ذهنه، كي لا يشعر بالألم الذي تسبب به انفجار رصاصة محرمة دوليًّا في ساقه اليسرى، أطلقتها عليه قوات الاحتلال خلال مشاركته في المسيرة السلمية شرق البريج يوم 14 مايو/ أيار الماضي، والتي شهدت ذروة الفعاليات رفضًا لنقل السفارة الأمريكية للقدس وبالتزامن مع ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني.

ويمسك مطران رأسه ويغمض عينيه من شدة الألم، قائلًا إنه غير قادر على نسيان لحظة انفجار الرصاصة داخل فخذ رجله اليمنى، والتي تسببت له بقصور في العظم بمقدار 3 سم، ما دفع الأطباء لتثبيت جسر من البلاتين فيها.

إصابة مطران أفقدته القدرة على العمل، والإنفاق على أفراد أسرته المكونة من عشرة أشخاص، وجعلته يتنقل يميناً ويساراً؛ بحثاً عن دخل يعيل أسرته لتوفير احتياجاتها اليومية لكنه فشل في ذلك بسبب إصابته، الأمر الذي دفعه لمتابعة حالته الصحية كي ينهض على قدميه مجدداً ويعود لعمله في ورشة لصناعة الألمونيوم.

ويضطر مطران، وهو من سكان مخيم البريج وسط قطاع غزة، إلى التوجه لمنظمة أطباء بلا حدود، ثلاث مرات أسبوعيًّا، على نفقته الخاصة، لمتابعة حالته الصحية وتوفير الأدوية والمعدات التي يحتاجها، بسبب نقصها في المستشفيات الحكومية.

وحالت الأوضاع الاقتصادية السيئة دون تمكن أحمد العيسوي، وهو أحد مصابي مسيرة العودة، من توفير احتياجاته من الأدوية.

وأصيب العيسوي بطلق متفجر أثناء مشاركته في مخيم العودة شرق البريج، في يونيو/ حزيران الماضي، بمنطقة البطن، أدت إلى كسر في الحوض، واستئصال جزء من الأمعاء والبنكرياس والاثني عشر، وجعلته أسير عكازين.

ويشتكي من شح الأدوية والإمكانيات في مستشفيات وزارة الصحة الأمر الذي دفعه للتوجه إلى منظمة أطباء بلا حدود، في محاولة لتوفير الأدوية التي يحتاجها لحين شفائه من الإصابة.

ويحتاج العيسوي، وفق قوله، إلى متابعة مستمرة، وإجراء العديد من العمليات الجراحية، والعلاج بالخارج، كي يستعيد عافيته في أقرب وقت ممكن، واصفًا الدقائق الأولى من إصابته بالصعقة الكهربائية التي أطاحت به.

متابعة طبية

ويستند شحادة العبواني، على جدار قريب من منظمة أطباء بلا حدود، بانتظار الكشف على مفصل رجله الذي تعرض لطلق ناري خلال مشاركته في مسيرة العودة شرق مخيم البريج، وإنهاء معاناته.

ويبدو أن التعب نال من جسد العبواني، لاسيما بعد إصابته، ونجح مؤخرًا في تركيب بلاتين داخلي في مفصل رجله اليمني، مؤكدًا أن قوات الاحتلال تتعمد استهداف الأطراف للمشاركين بالمسيرات بشكل وحشي لقتل حركتهم.

ويشير إلى أن الاحتلال استغل سلمية التظاهرات وبادر بإطلاق النار الحي والكثيف على المشاركين فيها، على الرغم من عدم تشكيلها أي خطر.

وحرم العبواني من العمل في مشحمة للسيارات وسط القطاع، بسبب إصابته وكونه لا يقوى على الوقوف على قدميه دون الاستعانة بعكاكيز طبية، ولأن طبيعة العمل تحتاج إلى حركة وسرعة.

وتعاني مراكز الرعاية الصحية الأولية في القطاع، والبالغ عددها 54 مركزًا موزعة على محافظات القطاع الخمس، من نقص حاد في أصناف الأدوية الأساسية لمختلف الفئات العمرية، إذ سبق وأن أكدت وزارة الصحة أن أزمة نقص الأدوية والمستهلكات الطبية ضربت مفاصل مهمة في المنظومة الصحية بكل مكوناتها في القطاع.

واستشهد قرابة 193 مواطناً بينهم أطفال وفتيات ومسنون، وأصيب ما يزيد عن 21 ألفًا منذ انطلاق فعاليات مسيرة العودة في 30 مارس/ آذار الماضي، وفق إحصائيات وزارة الصحة.

ومنذ انطلاق مسيرة العودة، والمواطنون يواصلون الاحتشاد على طول السياج الفاصل شرق القطاع وشماله، رغم قمع قوات الاحتلال لتلك المسيرات السلمية، واستخدام القوة المفرطة والمميتة والأسلحة المحرمة.