يوماً بعد يوم تتكشف المزيد من العلاقات العربية والإسلامية الرسمية مع الكيان الإسرائيلي، مما دفع المسئولين الإسرائيليين للمباهاة والتفاخر بها، باعتبارها اختراقا في جدار الصد العربي والإسلامي الذي كان يرفض الدولة المحتلة إلى وقت قريب، ويرى فيها غدة سرطانية لا بد من استئصالها، ويحملها مسئولية استمرار عجلة التوتر في المنطقة، بسبب مواصلتها احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية.
آخر حلقات العلاقات العربية والإسلامية مع (إسرائيل) تجلت في اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك أواخر سبتمبر المنصرم، فخرجت أخبار وتسريبات مفادها أن بنيامين نتنياهو عقد سلسلة لقاءات مكثفة مع عدد من الزعماء والمسئولين من منطقة الشرق الأوسط، قاصدة بذلك من العرب والمسلمين، دون ذكر أسماء محددة.
بقي الأمر غامضا فضفاضا حتى بدأت تخرج الأنباء التي تؤكد لقاء نتنياهو مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونائب الرئيس الإندونيسي، وزعماء آخرين طلبوا إبقاء هذه اللقاءات سرية بعيدة عن التداول الإعلامي، لاعتبارات تخص رأيهم العام الداخلي في بلدانهم التي ما زالت ترى في (إسرائيل) دولة عدوة معادية.
لعل الوزير الإسرائيلي أيوب قرا، الليكودي الدرزي القريب من نتنياهو، الموغل في تزلفه له، المنسلخ عما تبقى له من معانٍ عربية وشرق أوسطية، وهو يقدم صكوك الطاعة والولاء كلما سنحت له الفرصة، هو الذي ثرثر وسرب هذه اللقاءات بقوله إنه "حضر اجتماعات نتنياهو، العلنية والسرية، في الأمم المتحدة، وأن هناك زعماء عربا كانوا يتوددون له، وكأنه زعيمهم، بينهم قادة عرب بعضهم تعرفونهم، وآخرون لا تعلمون عنهم ، ليس هذا مجرد كلام، بل رأيته في حركاتهم وكلماتهم ولغة أجسادهم".
وكان نتنياهو ذاته قد سبق وزيره بالقول خلال خطابه الأخير على منصة الأمم المتحدة أن "صداقة حميمة لم أرها في حياتي تربط إسرائيل بالعديد من الدول العربية، وكان في الماضي من المستحيل تخيّل ذلك".
يمكن سرد قائمة من العلاقات البينية لإسرائيل ببعض دول المنطقة،سواء كشفتها أم أبقتها قيد الغموض والتكتم، بغض النظر علاقات سياسية، اقتصادية، وأمنية، لكن القائمة قد تنحصر في: مصر، الأردن، السعودية، الإمارات، البحرين، قطر، المغرب، تركيا، ماليزيا، اندونيسيا، ومن يعلم فقد تطول القائمة، للأسف الشديد.
أخيراً.. بغض النظر إن كانت إسرائيل تبالغ في علاقاتها العربية والإسلامية، أم تصفها بموضوعية، لكننا أمام تردٍ خطير في المنظومة السياسية الإقليمية، حين تقيم علاقات مع دولة محتلة غاصبة، ويتم القفز عن أساس الصراع معها، وهي القضية الفلسطينية، ثم يحدثونك عن العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية..يا عيب!