فلسطين أون لاين

​تقدير استراتيجي يدعو الفلسطينيين للوحدة ضد صفقة القرن

...
بيروت - فلسطين اون لاين

تقدير استراتيجي يدعو الفلسطينيين إلى التوحد لمواجهة "صفقة القرن"

بيروت/ فلسطين:

حذّر تقدير استراتيجي من التداعيات التي وصفها بالخطيرة لـ"صفقة القرن" في حال تم تمريرها، ورأى أنها أقرب لتصفية القضية الفلسطينية من أن تكون خطة تسوية.

وأكد تقدير الصادر عن مركز "الزيتونة للدراسات والاستشارات"، أن "الصفقة" تواجه بعد نحو عام من التسريبات حالةً من التعثُّر، في ضوء الإجماع الفلسطيني على رفضها، وحالة التراجع و"البرود" العربي تجاهها، وحالة الارتباك في أداء السياسة الخارجية الأمريكية.

لكن التقدير أشار إلى أن ذلك لا ينبغي أن يُقلل من خطورة المحاولات الأمريكية الجارية لحسم بعض قضايا الحل النهائي، بما يخدم التصور الإسرائيلي، من خلال فرض الحقائق على الأرض، وخصوصاً القدس واللاجئين؛ كما أنه لا ينبغي أن يقلّل من خطورة حرف بوصلة الصراع، من خلال تشكيل تحالف عربي-إسرائيلي، بما يعزز الصراع الطائفي ويقطع الطريق على قوى التغيير والإصلاح في المنطقة.

وقال التقدير: "تبدو فرص نجاح الصفقة ضعيفة في الظروف الراهنة، بينما يبقى سيناريو فشل الصفقة أمراً مرجحاً. وفي الوقت نفسه، فإن ثمة سيناريو ثالثَ يجب أن يبقى تحت المراقبة وهو محاولة تمرير الصفقة بعد تأهيل الحالة الفلسطينية والعربية لقبولها".

ورأى أن ذلك قد يكون من خلال "تلميع طرف فلسطيني ملتزم بمسار التسوية، باعتباره صامداً ومحافظاً على الحقوق الفلسطينية، ثم تحقيقه لتسوية يبدو أنه أنجز فيها مكاسب مهمة، بينما يتم تمرير قضايا خطيرة مرتبطة بالقدس واللاجئين والسيادة والاستيطان، باعتبارها تضحيات ضرورية لإدارة المرحلة".

وأوضح التقرير أن "الصفقة في جوهر أفكارها المطروحة، عملية تصفية وليس تسوية للقضية الفلسطينية".

وأرجع السبب في ذلك إلى ما وصفه بـ"حالة الضعف والتردّي الشديد في البيئة العربية والإسلامية، وحالة الضَّعف والانقسام الفلسطيني"، التي شجعت الإدارة الأمريكية بخلفياتها اليمينية والشعبوية، على محاولة تقديم مشروع تسوية يتناسب مع المعايير الإسرائيلية.

وأشار التقدير إلى أن ما تسرّب من الصفقة التي لم تُنشر رسمياً حتى الآن، هو أقرب إلى حزمة أفكار إسرائيلية مقدَّمةً في ثوب أمريكي.

معالم الصفقة

وذكر التقدير وبالرغم من غياب نصٌّ رسمي يُرجع إليه، إلا أن من مجمل متابعة التسريبات التي نُشرت عن طريق الأمريكان أو المسؤولين العرب والإسرائيليين أو بعض الشخصيات والمؤسسات القريبة من صُنَّاع القرار، تشير إلى أن معالمها تتلخص في ست نقاط، هي حكم فلسطيني ذاتي تحت السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة "يمكن أن يُسمى شكلياً دولة"، ما يعني إسقاط مشروع الدولتين، وإغلاق الطريق أمام تحوّل السلطة الفلسطينية إلى دولة ذات سيادة؛ مع الإعلان عن "جزرة" هي إمكانية تطوير الحكم الذاتي بناءً على "حُسن سلوك" الفلسطينيين.

وبين التقدير أن الصفقة، تخرج قضايا الحل النهائي من التسوية السلمية، وحسمها لصالح المعايير الإسرائيلية، وأبرزها: بقاء القدس تحت السيادة الإسرائيلية؛ واصطناع "قدس جديدة" مركزها أبو ديس؛ وانسحاب إسرائيلي من بعض الأحياء المقدسية، بالإضافة إلى إلغاء حق عودة اللاجئين، وحلّ قضيتهم من خلال التوطين والتعويض.

‌وأضاف التقدير: "ووفق ذات التسريبات، فلن يكون هناك انسحاب إسرائيلي إلى حدود 67، وستبقى السيادة الإسرائيلية على المستوطنات وما وراء الجدار العنصري العازل التي تشكل 12% من مساحة الضفة؛ مع طروحات ببقاء السيادة على مناطق (ج) في الضفة أي 60% من مساحتها الكلية (تحت النقاش)، كما لن يكون للفلسطينيين جيش عسكري، وإنما قوة شرطة تحافظ على الأمن الداخلي".

وأشار التقدير إلى أن الصفقة واستنادا إلى ما سبق تدعو إلى اعتراف العالم أجمع بـ(إسرائيل) دولة قومية لـ"لشعب اليهودي"، وبـ"الكيان الفلسطيني" دولة قومية للشعب الفلسطيني، وكذلك التركيز على "السلام الاقتصادي"، ومحاولة تقديم الصفقة في صورة عملية تنموية اقتصادية للفلسطينيين وللمنطقة.

وأوضح أن الصفقة تدعو كذلك إلى التطبيع قبل التسوية، بإيجاد موافقات من الدول العربية الرئيسية المعنية بالشأن الفلسطيني (مصر، والسعودية، والأردن) على الصفقة، بحيث يتم محاصرة الفلسطينيين وعزلهم، ونزع ورقة القوة العربية من أيديهم، باتجاه فرض التسوية عليهم.

قضايا عالقة

ولفت التقدير الانتباه إلى بقاء عدد من القضايا محلَّ نقاش مثل، المساحة التي ستُسلم للفلسطينيين من الضفة الغربية، ووفق أي مراحل وشروط؟! والممر بين الضفة الغربية وقطاع غزة وطبيعته وإدارته، وما إذا كانت ستتم عملية "تبادل أراضٍ" لتعويض الفلسطينيين عن الأراضي التي تقع عليها المستوطنات الإسرائيلية، أو لا ترغب قوات الاحتلال بالانسحاب منها، وكيف سيتطور الشكل الانتقالي للكيان الفلسطيني الذي سيسمى "دولة"، وما إذا كان هذا الكيان، سيُضم إلى كونفدرالية مع الأردن أم لا؟! وكيف سيتم إنهاء "حكم حماس" في قطاع غزة؟! وما هي الأحياء التي يمكن أن تُضم إلى أبو ديس لتشكل عاصمة فلسطين؟

وأشار التقدير إلى أن "الصفقة" وبعد نحو عام من الحديث عنها تُعاني من التعثّر، حيث أن الحماس الأمريكي الذي ظهر مطلع 2018، مترافقا مع حماس عربي خليجي قد تراجعت بالتدريج، لكنه في الوقت ذاته لم يستبعد، سيناريو تمرير الصفقة بعد "تأهيل" الحالة الفلسطينية والعربية والإسلامية لقبولها.

أنه لم يستبعد نجاح الصفقة وفق الشروط والمعايير الأمريكية المعروضة حالياً أو حسبما تسرب من الصفقة: "على أساس متابعة الولايات المتحدة إصرارها على إنفاذ خطوط التسوية عملياً على الأرض".

الوحدة الوطنية مطلوبة

ودعا التقدير إلى تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتنسيق الجهود كافة في مواجهة "الصفقة"، وإصدار ميثاق تتعاهد فيه القوى والفصائل والرموز الفلسطينية على المحافظة على الثوابت، ورفض "صفقة القرن" وأي صفقة أو تسوية تنتقص من الحقوق الفلسطينية.

كما أنه أوصى بالعمل على إنفاذ اتفاق المصالحة الفلسطينية الموقع في 2011، وتوافقات بيروت في 2017، وعقد مجلس وطني فلسطيني توحيدي، وإعادة بناء منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بما يتوافق مع إعادة القوة والحيوية للمشروع الوطني الفلسطيني.

وطالب التقدير رئيس السلطة محمود عباس بالرفع الفوري للإجراءات العقابية عن قطاع غزة والدعوة العاجلة إلى عقد الإطار القيادي الموحد للشعب الفلسطيني، وتفعيله كإطار لحماية الحقوق والثوابت الفلسطينية، إلى حين إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية.