لم يجد الموظف عادل حمد ملجأ له، إلا الجلوس أمام البوابة الرئيسة لمقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"؛ احتجاجًا على فصله من العمل نهائيًا، برفقة 5 آخرين من زملائه.
المفصول "حمد" كبّل يديه بسلاسل حديدية وجلس أمام البوابة الرئيسة لوكالة "أونروا" ولف تلك السلاسل على جسده وربطها في البوابة الحديدية، تعبيرا عن رفضه المُطلق للقرار الجائر الذي صدر بحقه من إدارة الوكالة.
حالة الحزن كانت تخيم على حمد، الذي عمل في "أونروا" على مدار تسع سنوات، وقال: "للأسف إدارة الوكالة تتخذ خطوات غير عقلانية وغير مبررة بالمطلق، بهدف ترهيب الموظفين وهو ما لم نعهده عليها".
وأضاف حمد لصحيفة "فلسطين" وهو يحبس أنفاسه: "لا يجوز للأونروا أن تنخرط في معترك سياسي هدفه إنهاء قضية اللجوء لقرابة 6 ملايين لاجئ في جميع مناطق عملها الخمسة".
وشدد على أن "الموظف الفلسطيني في الوكالة خط أحمر، فهو من خدم في الحرب والسلم، ويُفترض أن يكون آمناً وظيفياً، ولا يتعرض لأي ترهيب أو بلطجة إدارية".
ويطالب بقلب يعتصره الألم والحُرقة، مكتب المفوض العام لـ "أونروا"، بالتراجع عن الإجراءات التعسفية واللاعقلانية تجاه الموظفين، مناشدًا جميع الأحرار في الوكالة، الوقوف جنبا إلى جنب مع الموظفين.
وناشد الموظف المفصول الجهات السياسية لوقف ما أسماه "مجزرة إعدام ابتسامات أطفال اللاجئين وأبناء الموظفين"، داعيا إدارة الوكالة للعودة إلى رشدها والرجوع عن هذه الإجراءات الظالمة والمجحفة بحق الموظفين واللاجئين.
الموظف الآخر إسماعيل الطلّاع الذي طالته رسالة الفصل من إدارة الوكالة، لم يكن أكثر حظا من سابقه، كونه كان أحد المهددين بالفصل سابقا، وشارك في خيمة التضامن مع زملائه الموظفين.
وعدّ الطلاع الذي عمل في "أونروا" على مدار 15 سنة، قرار الفصل يندرج ضمن "سياسة قمع الشعب الفلسطيني وإعطاء الشرعية الكاملة للاحتلال بالنيل من هذا الشعب ومحاصرته"، مستنكراً الذرائع التي قدّمتها إدارة الوكالة للفصل على خلفية مشاركته بالعمل النقابي.
وطالب الطلاع إدارة "أونروا" بالتراجع عن القرارات "المجحفة" بحق الموظفين، وتطبيق شعار "الكرامة لا تقدر بثمن"، موضحا: "مستمرون في العمل النقابي السلمي في الإطار الاتحادي ولم نتجاوزه لحظة واحدة".
أما الموظف المفصول ياسر الغرام، الذي تفاجأ برسالة إدارة الوكالة بفصله نهائيا عن العمل، بذريعة التخريب والاعتداء على موظفي الإدارة وغيرها من التهم.
ووصف الغرام خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، القرار بـ "التعسفي، وهو ناجم عن تخبط إدارة الوكالة إزاء استمرار العمل النقابي والدفاع عن حقوق الموظفين"،مشددا: "الإدارة تتنصل من كل الأخلاقيات الإنسانية التي تتغنى بها".
وأوضح الغرام الذي عمل في "أونروا منذ 16 سنة، منسق أضرار في دائرة الخدمات بغزة، أن الوكالة تسعى لضرب بعض الرموز والأشخاص الفاعلين في النشاطات النقابية، لكسر إرادة الموظفين، و"هذا لن ينجح".
وعد القرارات "إعداما للموظفين وتخريبا لحياتهم الأسرية وتدميرا لمستقبل أطفالهم"، مطالبا إدارة الوكالة بالتراجع عنها والتعامل مع الموظفين بإنسانية.
وأقدمت إدارة "أونروا" على فصل ستة من موظفيها، أول من أمس، بدعوى مشاركتهم في الفعاليات النقابية التي جرت في قطاع غزة.
الخطوط الحمراء
واستنكر التجمع الديمقراطي للعاملين بوكالة الغوث الإطار النقابي للجبهة الشعبية، إقدام إدارة "أونروا" على فصل بعض الموظفين عن العمل بسبب مشاركتهم في فعاليات نقابية، داعيا للتراجع عن القرار الخطير فورا.
وعدّ التجمع، في بيان، أمس، تبليغ إدارة "أونروا" مجموعة من الموظفين برسائل فصلهم، "تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء وتعديا صارخا على حق الموظفين في الاحتجاج والتعبير عن الرأي ومشاركة زملائهم الموظفين في الاحتجاج على قرارات الوكالة المجحفة".
وأكد أن التعامل مع الموظفين واحتجاجاتهم المشروعة على قرارات الإدارة الظالمة بمنطق بوليسي وبغريزة الانتقام وتعمدها عدم الوصول لحلول تضمن حقوق هؤلاء الموظفين، تبرهن تواطؤ إدارة الوكالة وتساوقها مع المخططات الأمريكية والصهيونية التي تستهدف حقوق اللاجئين وإنهاء دور وكالة الغوث.
وشدد التجمع على أنه لا يمكن الصمت على هذه القرارات المجحفة والخطيرة التي تستهدف الموظفين وعلى رأسها قرارات الفصل، داعيا الموظفين واتحاد موظفي الوكالة إلى عدم الرضوخ لهذا الواقع ومواجهة القرارات الخطيرة باستمرار الاحتجاجات والفعاليات النقابية حتى تتراجع إدارة الوكالة عن قراراتها بحق الموظفين.