"إمّا أن تترك المؤسسة دون حقوق وتغادر بصمت وتعدم أسرتك بالكامل، أو أن يُستولى على حقوقك بالكامل وتفصل دون أي حقوق".
هذا ما عليه حال عادل حمد (36 عامًا) الذي تحدث بذلك لصحيفة فلسطين، وهو واحد من بين قرابة ألف موظفٍ فصلتهم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" مؤخرًا، وخيرتهم بين "التقاعد الاستثنائي" مع أخذ حقوقهم حتى 26 سبتمبر/ أيلول الجاري، أو الدوام الجزئي حتى نهاية العام. ومن لم يوافق على أحد هذين الخيارين، سيحرم من حقوقه ويعدّ مفصولًا.
خياران يعد الموظفون "أحلاهما مُرًّا" ويهدفان لتمرير مخطط تفريغ وكالة "أونروا" من الموظفين تدريجيًا وإلغاء الوظائف.
ويقول حمد الذي يعتصم برفقة عشرات الموظفين أمام المقر الرئيس لوكالة "أونروا" بمدينة غزة، إن إدارة الوكالة تماطل لتمرير قراراتها الجائرة بحق الموظفين، والتي تهدف لإفراغ الوكالة التي لطالما قدمت خدماتها للاجئين، وكانت شاهدا على معاناتهم، في خطوة تهدف لحرف بوصلتها باتجاه قتل المؤسسة رويدًا رويدًا.
أما لحمد فإن شعار "الكرامة لا تقدر بثمن" الذي ترفعه إدارة الوكالة أضحى يعني انتهاء حقوق الموظفين.
"بلطجة إدارية"
إيهاب عليان (40 عامًا) موظف عمل مرشدًا مدرسيًّا أيضًا من ضمن الذين أنهت إدارة الوكالة عقودهم، بعد أن عمل لمدة 14 عامًا مرشدا اجتماعيات بمدارس الوكالة. ويصف عليان إمهال الوكالة لهم حتى السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول الجاري إما بالموافقة على التقدم لطلب الحصول على "تقاعد استثنائي"، أو حرمانهم من حقوق نهاية الخدمة في حال عدم التقدم، بأنه "بلطجة إدارية".
ويرفض عليان الخيار الثاني الذي تطرحه إدارة الوكالة وهو الدوام الجزئي حتى نهاية شهر ديسمبر/ كانون أول القادم.
ويرى أن كلا الخيارين أصعب من الآخر و"أحلاهما مر"، وهو ما يرفضه هو وبقية الموظفين، قائلًا باستنكار: "كنت أؤدي وظيفتي بشكل كامل لأبناء شعبي، اليوم تحولنا إلى فائض وظيفي، بعدما خدمت لمدة 14 عامًا في عقد دائم؟".
ويضيف أن إدارة الوكالة وبلحظة "جاءت لتلغي عقده بذريعة العجز المالي مع أن القانون ينص على أن أستمر بعملي حتى بلوغي 60 عامًا، فأمامي 20 عامًا لأقوم بتأدية رسالتي".
وكحال سابقيها تعدّ الموظفة وجدان مطر (36 عامًا) الخيارين غير مقبولين، وإن كان الخيار الأول المتعلق بالترك الطوعي لا ينطبق عليها كونها لم تستوفِ السنوات العشر في العمل، فإن الخيار الثاني -وهو الدوام الجزئي الذي ينطبق عليهم- لا يلبي احتياجات أسرتها كونها ستتقاضى نصف راتبها الذي كانت تحصل عليه قبل قرار الفصل.
وتطالب مطر التي عملت في الوكالة منذ ثماني سنوات، بإلغاء القرارات وإعادتهم لأعمالهم بعقودهم السابقة.
فيما يبين الموظف محمد عبد الله (40 عامًا) أن التقاعد الذي أعلنت عنه إدارة الوكالة يعني مغادرة الموظف للمؤسسة وشطب وظيفته وبالتالي حرمان غيره من الحصول عليها، عادًا ذلك "مؤامرات" ضمن تقليصات الوكالة.
وتساءل عن أعداد الموظفين الذين سيفصلون بشكل تدريجي وبالتالي انتهاء وظائفهم، مؤكدًا أن الخيارين لا يخدمان مصلحة المؤسسة الأممية ولا اللاجئين ولا الموظفين، ولا يسد رمق الحاجات الأساسية للموظفين.
تلاعب بالخيارات
من جانبها، أفادت نائب رئيس اتحاد موظفي "الأونروا" آمال البطش أن الخيارين اللذين طرحتهما الوكالة يستهدفان 941 موظفًا، 116 منهم كان مقررًا فصلهم نهاية آب/ أغسطس الماضي، 40 موظفًا منهم تقدموا بتقاعد طوعي.
وقالت البطش لصحيفة "فلسطين"، إنَّ 68 موظفًا سيفصلون نهاية الشهر الجاري، وغير مسموح لهم التقدم للتقاعد الاستثنائي الذي أعلنت عنه إدارة الوكالة، والذي يضم شرطًا أساسيًّا بأن يتبقى 90 يومًا في عقد الموظف، في حين لم يتبقَّ سوى أيام لانتهاء عقود هؤلاء.
وأضافت أن الخيار الثاني المتعلق بالدوام الجزئي حتى نهاية العام الجاري، يستهدف 540 موظفًا، مؤكدة رفضهم لهذا الخيار لأنه في النهاية غير معروف مصيرهم بعد نهاية العام.
ولفتت البطش إلى أن هناك 280 موظفًا مرتبطين بعقود كاملة حتى نهاية العام، لأنَّ عملهم مرتبط بتقديم مساعدات غذائية وهم مهددون بالفصل إذا توقفت المساعدات، مشيرة إلى أن إدارة الوكالة أمهلت الموظفين حتى الساعة الخامسة مساء يوم 26 سبتمبر/ أيلول الجاري كمهلة لقيام الموظفين بالتقدم بطلب التقاعد الاستثنائي، ومن لم يتقدم سيفصل ويحرم من حقوقه.
وأكدت حق الموظف في الدوام وعدم اجباره على ترك العمل، مبينة أن الدوام الجزئي يعني تقليص البرنامج، والموظفين والخدمات، كما حدث ببرنامج الصحة النفسية.

