فلسطين أون لاين

​أيُّ زوبعة سيثيرها خطاب عباس في الأمم المتحدة؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ عبد الرحمن الطهراوي:

ما إن يعلن رئيس السلطة محمود عباس نيته إلقاءَ كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالولايات الأمريكية، حتى تشرع ماكينات السلطة الدعائية بتهويل الخطاب وإدخاله في دوامة من التشويق والإثارة من قبيل "قرارات حاسمة ستُتَّخذ وقنابل مدوية ستُلقى"، ولكن سرعان ما يثبت أنها مجرد زوبعة في فنجان.

وكان مستشار عباس للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية نبيل شعث ذكر نهاية الشهر الماضي أن عباس سيُلقي خطابا مهمًّا وشاملًا في الجمعية العامة، على أن تعقد دورة جديدة للمجلس المركزي بعد عودته، تُتَّخذ فيها قرارات تكون مفتاح الحملة المقبلة لمواجهة كل المخططات الاحتلالية.

وكذلك قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي، أول من أمس: إن عباس سيُلقي خطابًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري "سيمثل نقلة نوعية في العمل الفلسطيني، ويحدد العلاقة مع (إسرائيل)، ويضع الخيارات أمام الشعب الفلسطيني".

وعلى المنوال نفسه، وقبل ثلاثة أعوام تحديدًا، صدع مسؤولون في السلطة الرؤوسَ بالحديث عن قنبلة سيلقيها عباس في خطابه أمام الجمعية العامة، وحينها جاءت القنبلة في 30 سبتمبر/ أيلول 2015 على هيئة عبارة مطاطية عندما قال عباس: إن "الجانب الفلسطيني لا يمكنه الاستمرار بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال".

المحلل السياسي محمود مرداوي قلل من جدوى خطاب عباس المرتقب في الأمم المتحدة ومخرجاته، مؤكدًا أن الخطاب لن يكون استثنائيًّا ولا تاريخيًّا ولا وطنيًّا، بل نسخة مكررة عن خطابات سابقة، باستثناء أنه يأتي في ظل تفتيت عباس الجبهةَ الداخليةَ وتكريس سياسة الاستفراد والإقصاء.

وبنى مرداوي تحليله على أمور عدة، أوضحها لصحيفة "فلسطين" بالقول: "يذهب عباس بصندوق اتفاق أوسلو الذي مضى على توقيعه ربع قرن، بالتوازي مع الاستمرار بتهويد مدينة القدس المحتلة، وتضاعف المستوطنات وازدهارها، واستمرار التنسيق الأمني، فضلًا عن زيادة حدة الانتهاكات بحق الفلسطينيين العزل".

وأضاف أن رئيس السلطة لا يزال يفرض سلسلة عقوبات جماعية على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة "دون رحمة أو أفق لتوبةٍ عن هذا الجرم"، الأمر الذي يجعل من خطابه غير وطني بالمطلق، إلى جانب أن اللاجئين الفلسطينيين في الشتات والمنافي غير ممثلين في اللجنة التنفيذية.

وتساءل مرداوي: كيف لعباس أن يقدم خطابًا فلسطينيًّا جامعًا، وهو الذي لم يجتمع مع الفصائل الفلسطينية تحت قبة واحدة لمواجهة المخاطر الإقليمية التي تحيط بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها ما تسمى "صفقة القرن"؟ كل ذلك بسبب تمسكه باتفاق أوسلو، ورفضه وجودَ المقاومة أو تفعيل دورها وتهيئة الظروف لإنجاحها.

وقال مرداوي: "أقصى عباس منذ زمن الإسلاميين، وألحق بهم اليساريين، ثم الوطنيين، ثم انفضّ عنه المستشارون والقضاة والمقربون، ولم يبق حوله إلا المقطوعون من شجرة السياسة الفلسطينية، لا يربطهم بالوطن إلا الانتفاع، ولا يجمعهم بالرئيس إلا الحماية من نقمة الشعب وحسابه".

صفر كبير

في الإطار ذاته، يرى الكاتب السياسي توفيق طعمة، أن جميع خطابات رئيس السلطة محمود عباس طوال السنوات الماضية جاءت ضمن دائرة مفرغة، تبدأ بمقدمات استهلاكية مملة، يليها خطاب استعطافي للدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وصولًا إلى التهديد بتجميد الاتفاقيات مع الاحتلال، وفي نهاية الأمر تكون النتيجة صفرًا كبيرًا، في ظل تعنت الاحتلال وإدارة ظهره للمجتمع الدولي.

وتوقع طعمة في حديثه لصحيفة "فلسطين" ألا يقدّم خطاب عباس جديدًا على الساحة السياسية الفلسطينية، وسيترك مختلف القضايا المرتبطة بانتهاكات الاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة وإجراءات مواجهة "صفقة القرن" مفتوحة للزمن دون أي انعكاسات ذات قيمة على الأرض.

وشدد طعمة على أن الشعب الفلسطيني ليس بحاجة ليسمع من عباس خطابات جديدة، تارة توصف بالقنبلة، وأخرى بالمصيرية والتاريخية، ولكن الكل الفلسطيني بحاجة إلى تنفيذ قرارات الإجماع الوطني الضامنة لإعادة بناء البيت الفلسطيني الواحد، وإنهاء الانقسام، وتفعيل المقاومة بأشكالها كافة.