فلسطين أون لاين

الاحتلال وحرق الزمن

قبل انطلاق مسيرات العودة بأسابيع، طلب الاحتلال تدخّل بعض الأطراف لمنع انطلاق مسيرات، وخاصة بعدما أيقن أن الفلسطينيين عازمون على الذهاب بها إلى النهاية مهما كان الثمن، وإرسال إشارات بإمكانية التخفيف من الحصار المفروض على غزة، في محاولة لامتصاص المظاهرات القادمة، لكن في الحقيقة لم يكن سوى حرق للوقت، وامتصاص للزخم الشعبي الذي تحظى به.


ما كُشف عنه أمس بوسائل الإعلام حول رفض الاحتلال الوساطات في وقت التصعيد على غزة خلال مارس الماضي وقبل انطلاق مسيرات العودة، يدلل على أن (إسرائيل) تمارس ذات اللعبة وهي حرق الوقت في التعامل مع مسيرات العودة، وصولًا إلى درجة التعايش معها، وفي مرحلة تجرؤ البعض ضدها، وهو ما يحدث من بروز بعض الأصوات هنا وهناك تدعو لوقفها تحت مبرر وقف الاستنزاف، في حين يتجاهل هؤلاء أن الاحتلال هو من أفشل كل الجهود في سبيل كسر الحصار، ويرفض التعاطي مع أي جهد في هذا الاتجاه.


يعود الاحتلال إلى ذات اللعبة في حرق الوقت والمراهنة على عامل الوقت وإبقاء الحصار كما هو، مصطحبًا هذه المرة بعض الأصوات التي كانت تتخذ مواقف سابقة معارضة للمقاومة المسلحة، واليوم الحديث عن المقاومة الشعبية، وإن كان بعضها بحسن نية وهو أمر إيجابي ويقع على عاتق اللجنة العليا لمسيرات العودة أن تدرسها وتستفيد منها لصالح تطويرها الأدوات والوسائل وتقليل الخسائر.


الاحتلال يسعى بكل ما لديه من وسائل وأدوات لوقف مسيرات العودة وحرق الوقت لصالحه مقابل الاستنزاف الفلسطيني، وإدخالهم في دائرة من الانتظار بالحديث مرة عن حرب على غزة، والتهديد والتلويح عبر وسطاء، أو من خلال إرسال إشارات هنا وهناك باستعدادها للتخفيف من الحصار على غزة بمبادرات إنسانية، وعبر مبعوثين أمميين.


الثابت اليوم أنه لا جديد وأن الاحتلال يحرق الوقت، ولم يقدم شيئًا لصالح التهدئة في قطاع غزة، ولا يتوقع أن يفعل ذلك، ويراوغ بين التهديد بالحرب، أو التسهيلات، اعتقادًا منه أن ذلك سيؤثر سلبًا على سير مسيرات العودة أو توقفها، لكن من شاهد أمس الآلاف من الفلسطينيين على حدود غزة في جمعة كسر الحصار، وقبلها جمعة مقاومتنا خيارنا، وما بينهما من ظهور أساليب جديدة للمواجهة والمقاومة، وعودة البالونات الحارقة، يؤكد فشل رهان الاحتلال، وأن الشعوب لا يمكن أن تستسلم لإرادة المحتل وهي أقوى بكثير في لعبة حرق الزمن.