تتصاعد وتيرة تهديدات رئيس السلطة محمود عباس، ضد قطاع غزة، يوماً بعد يوم، بفرض إجراءات عقابية "غير مسبوقة"، قد تصل إلى قطع التمويل المالي كاملاً خاصة رواتب موظفيها، وتشديد الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 12 عاماً.
ومن الواضح أن عباس رفع سقف التهديدات ضد القطاع، في محاولة منه لإخضاع حركة حماس لشروطه، والذهاب إلى مصالحة "وفق مقاييس السلطة"، التي تتجاوز البنود التي وقّعت عليها السلطة نفسها والفصائل الوطنية في اتفاق القاهرة 2011.
وكشفت مصادر فلسطينية أن عباس أبلغ السفير القطري محمد العمادي، خلال زيارته لرام الله وغزة، قبل أيام، رفضه لأي حلول لا تتضمن "التمكين الكامل" لسلطته في القطاع، وأي خطوة تمهيدية لذلك يجب أن تتم قبل بداية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وإلا سيفرض عقوبات اقتصادية جديدة.
ويؤكد ذلك، ما قاله القيادي في حركة "فتح" يحيى رباح: إن "حماس أمام فرصة ذهبية للعودة إلى طريق المصالحة الوطنية والشراكة أو تحمل فرض المزيد من العقوبات عليها"، وفق تعبيره.
الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، رأى أن التهديدات "إعلان لفشل جهود المصالحة المبذولة منذ أشهر، وهي مؤشر للعودة إلى المربع الأول والمناكفات السياسية التي لن تغيّر من الواقع شيئاً".
وقال سويرجو لصحيفة "فلسطين": "حال توجه عباس لفرض مزيد من العقوبات، فإنها لن تتجاوز المتوقع، لكن البعض يتوقع أن تكون قاصمة لغزة"، منوهاً إلى أن هذا التوجه بمثابة التنصل من اتفاقيات المصالحة.
ورجّح اتخاذ تلك التهديدات شكلاً جديداً من العقوبات من خلال زيادة الأعباء المفروضة على غزة، "لكّنها لن تصل إلى فصل غزة عن الضفة"، وفق تقديره.
ويتفق المحلل السياسي محسن أبو رمضان، مع سابقه، عادًّا هذه الإجراءات "تعمّق الأزمة والفجوة بين غزة والضفة، ولن تُساعد في توافر جسور من الثقة أو الحفاظ على النسيج الوطني والسياسي".
وأكد أبو رمضان لـ"فلسطين"، ضرورة رفع الإجراءات العقابية المفروضة على غزة، وتوافر مناخات من الثقة المتبادلة بين الطرفين ووقف التراشق الإعلامي، والشروع فورا بممارسة الحكومة مهامها والتحضير لانتخابات عامة.
ورأى أن نجاح المصالحة يكمن في الشراكة السياسية وليس التمكين الذي تشترطه السلطة، إضافة إلى احتضان غزة عبر تحقيق مناخات ملائمة تقود لدمجها بالنسيج الوطني والسياسي.
سيناريو غزة
وحول السيناريوهات المتوقعة لقطاع غزة، قال أبو رمضان: "إذا استمرت الإجراءات العقابية سيذهب القطاع إلى مصيره الخاص والفردي والبحث عن خياراته بعيداً عن المصالحة، وهذا أمر مكروه"، وفق تقديره.
وبيّن أن هذا الأمر سيؤدي إلى تدخلات دولية وإقليمية ترمي بالأساس إلى معالجة الأوضاع الإنسانية وفكرة "السلام الاقتصادي" لغزة.
أما سويرجو، فرجّح أن تستمر الأوضاع على حالها، والبقاء على حافة الانهيار، مما سُيعجلالتدخل لوقف الانزلاق نحو حرب شاملة لا يريدها أي طرف.
وبيّن أن الاحتلال سيستمر على هذه السياسة، وإبقاء قطاع غزة على ما هو عليه لأشهر، وهذا يعتمد على المقاومة في القطاع وحجم المجازفة في وجه الاحتلال خاصة بعد الخطوات الجديدة بفتح نقاط تماس جديدة ضمن مسيرة العودة وكسر الحصار قرب السياج الفاصل شرق القطاع.
تجدر الإشارة إلى أن عباس، فرض في نيسان/ إبريل 2017 إجراءات عقابية على غزة بداعي إجبار حركة حماس على تسليم القطاع لحكومة الحمد الله، وشملت خصم 50% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص الكهرباء، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري.