عادت الحدود الفلسطينية في غزة للاشتعال مجددًا مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد هدوء نسبي استمر فترة وجيزة من الزمن، وبموجب هذا الاشتعال، اندلعت سلسلة مواجهات حامية بين المتظاهرين مع جنود الاحتلال، واتسعت أفقيًا ورأسيًا، واستخدمت المزيد من الوسائل الشعبية والأدوات الجماهيرية.
تدرك إسرائيل أن الوقت بدأ يقترب من نهايته لحسم الوضع المتذبذب في القطاع، لا هو تهدئة ولا مواجهة، ما يجعل الأمور مرشحة لأن تتصاعد أكثر فأكثر مع مرور الوقت، في الوقت الذي تبدي فيه تل أبيب حالة من العمى والتجاهل عن الكارثة المتزايدة في القطاع.
تطوران لافتان مرتبطان بغزة لا أظن أن إسرائيل غضت الطرف عنهما، وإن لم تتحدث بخصوصهما في وسائل إعلامها، لكنهما بالتأكيد حظيا بنقاش ومتابعة من قبل دوائر صنع القرار الإسرائيلي، والتطوران مرتبطان بمواعيد تاريخية محددة، وإن شئت القول، تحديد مهل زمنية.
الأول ما نقل عن أوساط حماس أن أكتوبر القادم سيكون الموعد النهائي لرفع الحصار، وبعدها قد تكون الحركة في حل من أي التزامات، ورغم عدم تأكيد حماس لهذا الموعد بدقة، لكن الحراك العائد مجددا إلى حدود غزة يشي بأن الحركة تحث الخطى لكسر هذا الحصار، ولعله ليس من باب الصدفة أن تطلق على مسيرات يوم غد الجمعة اسم "مسيرات كسر الحصار".
الثاني ما تسرب من مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله حول المهلة الزمنية النهائية التي يعطيها الرئيس عباس لحماس، بأن توافق على كل شروطه، وإلا فإنه سيتوقف عن دفع أي دولار واحد عن غزة، أي يرفع يد السلطة الفلسطينية عنها، تمهيدًا، كما يبدو، لإغراق غزة بأزمات جديدة، لا أحد يعرف كيف سيتم التعامل معها.
من الوجاهة القول أن إسرائيل تتابع إطلاق هذه المهل الزمنية من قطبي الساحة الفلسطينية، ومن الصعب الاعتقاد بأنه ليس لديها الخطط اللازمة والسيناريوهات المطلوبة لمواجهة هذين التاريخين، على اعتبار أن إسرائيل قد تكون في عين العاصفة لدى قرب استحقاق أي منهما.
حتى اللحظة، لا يبدو أن هناك في الأفق ما يشير لحصول تغير جوهري في الموقف الإسرائيلي من الوضع في غزة، حتى لو وصل الأمر لخوض جولة تصعيد محدودة في قادم الأيام، فمحددات رفض التهدئة التي أعلنت سابقا ما زالت كما هي، إلا إن رأت إسرائيل ما قد يشجعها من مواقف أو إشارات من هنا وهناك تجعلها تغض الطرف عن بعض المطالب من غزة، مع العلم أن مصر، الوسيط الحصري حتى اللحظة، ليست بوارد العودة من جديد للدخول في صدام مع رام الله.