فلسطين أون لاين

​فيسبوكيون يكسرون السياسة بالفكاهة والعلوم

...
صورة تعبيرية
غزة/ هدى الدلو:

أصبحت الصفحات الشخصية لمواقع التواصل الاجتماعي في قطاع غزة منابر تضج بالأحاديث السياسية، ونقل الأخبار العاجلة، والتحليلات والتفسيرات عن الوضع الفلسطيني بشكل عام وغزة بشكل خاص، ولكن نجد بعض الصفحات اتخذت منحى بعيدا كل البعد عن السياسة وأهلها، واختاروا نشر ميولهم فيها من فكاهة وأدب وعلوم وثقافة وغيرها.

هربًا من الملل

فعبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي يسافر ياسر حماد (30 عامًا) تخصص تكنولوجيا معلومات، بمتابعيه إلى الفضاء الكوني الواسع، فيأخذهم عبر منشوراته إلى رحلات مختلفة ومتنوعة ليستقوا منه المعلومات.

قال عن سبب توجهه لنشر منشورات خاصة بالعلوم عبر صفحته الفيس بوك: "قبل عدة أعوام كنت كأي فلسطيني آخر أهوى متابعة الأخبار والقضايا السياسية والاجتماعية وأتفاعل معها واعطي رأيي بها، لكن مع الوقت أصبحت أشعر بالملل والضجر من تكرار الأخبار فقررت تخصيص منشوراتي عن العلم".

وأضاف: "أصبح هدفي الأول هو تبسيط العلوم وشرحها بطريقة سهلة ومبسطة للجمهور العام دون التعمق في تفاصيل أكاديمية، لذا أحاول شرح المواضيع بأقل وقت ممكن وبأبسط مصطلحات يمكن استخدامها، واحرص دائمًا على البعد عن أية مصطلحات معقدة واستخدام المصطلحات الدارجة بدلاً منها".

وأوضح حماد أن كثيرًا من المبادرات العلمية بدأت في الانتشار بشكل ملحوظ في البلاد العربيةوبالأخص عن طريق صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي مثل مبادرتي "الباحثين المصريين"، و"الباحثين السوريين" وقد أثارت فكرتهما اعجابه، ومن هنا بدأ البحث عن أي مبادرة فلسطينية ليشترك ويساهم بها لكنه لم يجد، فقرر أن يضع اللبنة الأولى وحجر الأساس لانطلاق المبادرة الفلسطينية تحت عنوان علوم وأشياء أخرى.

ويرى أن هناك تفاعلًا وإقبالًا ممتازًا على الصفحة، فاستطاع خلال أسبوعين أن يجذب نحو 5000 شخص والعدد في ازدياد مستمر، "فأنا أستخدم أسلوب إحداث ضجة حتى أستطيع جذب الأنظار واهتمام الناس"، وفق قوله.

وعن طبيعة المعلومات التي ينشرها، أشار إلى أنه في الأساس يترجم ويكتب مقالات علمية في الفيزياء الفلكية والكونيات، لكن أحيانًا ينتقل لكتابة بعض الحقائق الغريبة عن عالمي الحيوان والبحار وأيضًا بعض المعلومات عن علم البيولوجيا الذي يهتم بدراسة الحياة وكيفية تفاعل الكائنات الحية، وفي الحقيقة الناس يفضلونها ويتفاعلون معها أكثر.

كسر للقاعدة

على صعيد آخر، مروان أبو الحسنى مقدم برامج إنشادية لدى فضائية الأقصى، يتخذ من صفحته على الفيس بوك منصة لنشر الفكاهة والنكت، فقال: "في البداية ليس من السهل أن يكون أي شخص فكاهيًا، فالمزاح فطرة من الله، وهو من الفروق الفردية بين الأشخاص، كما أنه نعمة من الله اكتشفتها منذ صغري".

وتابع حديثه: "ما جعلني أخصص صفحة الفيس للفكاهة، هو أن أغلب متصفحي فيس بوك يتحدثون بالسياسة ويتفلسف فيها الصغير والكبير، والمحللون وغيرهم، مما دفعني لأتخذ منحى بعيدًا عنهم من أجل خلق جو جديد بعيدًا عن نكد السياسة، وبغرض الفكاهة، والعمل على تغيير النهج الموجود، وكسر القاعدة الموجودة".

وقد لاقت صفحته الكثير من الإقبال والمتابعين، فقد وصل عدد أصدقائه إلى 5000 صديق، و4500 متابع.

وأكد أبو الحسنى أن سبب التوجه هو التخفيف من حدة المناكفات السياسية وترك الأخبار العاجلة ونقلها لأصحاب الشأن، كما أنه موقع للتواصل الاجتماعي.

نقطة للانطلاق

في السياق ذاته، قال مدرب التنمية البشرية صابر أبو الكاس: "لاشك أن استخدامات الفيس بوك تختلف باختلاف مرتاديها فهناك من يستخدمه للتسلية وهناك من يستخدمه لزيادة الثقافة وآخرون للسياسة...الخ".

وبين أن المتابع والمراقب لأغلب رواده يجدهم من أولئك الذين يبحثون عن فضاء بعيد عن الأخبار المستهلكة والمكررة والتي سئموا منها، فيتجهون لمشاركة صورهم ومناسباتهم بل ويتعدى ذلك لأن يشاركوا ويتشاركوا المنشورات الترفيهية أو الثقافية التي تتجدد في كل لحظة.

ونوه أبو الكاس إلى أن الفيسبوك أضحى اليوم فضاء كبيرا لعالم أكبر من الذي يلجؤون إليه في محاولة لقتل الفراغ وإضاعة الوقت والتفريغ النفسي والعصبي الذي يعاني منه أكثر الشباب في ظل الواقع الصعب والمرير الذي نعيش فيه.

ولفت إلى أنه ثمة نماذج كثيرة لأشخاص لم نكن نسمع عنهم شيئا، انطلقوا من هذه المواقع وبنوا لأنفسهم اسما فباتوا يُلقبون بالنشطاء والشعراء والمبدعين والمثقفين، استثمروا تلك المواقع في خدمة أفكارهم فنجحوا وانتشروا وارتفعوا.