لا يمكن التنبؤ بتداعيات استمرار بقاء الوضع الإنساني في قطاع غزة على ما هو عليه، في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي والعقوبات التي تفرضها السلطة على غزة، ما يثير التساؤلات حول الخيارات المتاحة والسيناريوهات المتوقعة في حال بقاء الوضع على ما هو عليه.
ويصف مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية عمر شعبان، الوضع الاقتصادي في غزة بأنه غير مسبوق في ظل تراكم الأزمات التي يفرضها استمرار الحصار كارتفاع معدلات الفقر والبطالة على جميع المستويات ما يهدد البنية المجتمعية.
وقال شعبان لصحيفة "فلسطين": "الخيارات المتاحة محدودة في ظل عدم حدوث المصالحة، لأن المصالحة تعتبر الخيار الأمثل لحل الأوضاع".
ووفقا لمعطيات رسمية، فإن نسبة البطالة بلغت 49.1% في قطاع غزة خلال الربع الأول من العام الجاري، فيما بلغ معدل الفقر 53%، كما يواجه 72% انعدام الأمن الغذائي.
وأضاف شعبان: "لا يمكن تخيّل بقاء الوضع في القطاع كما هو لعدة شهور أخرى"، لافتا إلى أن مؤشرات التدهور واضحة ببروز ظاهرة التسول والتسرب من المدارس مما يؤكد أن الوضع كارثي.
وحول دور المجتمع الدولي إزاء هذا الواقع، وصف شعبان الأدوار الدولية بأنها "محدودة وبسيطة وشكلية"، قائلا: "ليست هناك تدخلات قوية تتفق مع حجم المأساة التي يعيشها القطاع تحدث تغييرا نوعيا".
وأشار شعبان إلى حاجة قطاع غزة لمشروعات واستثمارات ضخمة تبدأ برفع الحصار وخلق فرص عمل.
وعن السيناريوهات المتوقعة لغزة، رجح شعبان استمرار الوضع على حاله مع صعوبة تحقيق المصالحة، ومراوحة مباحثات التهدئة بين المقاومة والاحتلال مكانها.
أزمات كبيرة
في حين يرى الباحث في وحدة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان د.فضل المزيني، أن القطاع الصحي أحد أكثر القطاعات تأثراً بتردي الأحوال الاقتصادية والإنسانية بصورة غير مسبوقة.
وقال المزيني في حديث لصحيفة "فلسطين": "القطاع الصحي يعاني من تدهور شديد، في ظل عدم توفر الأدوية للمرضى، وعدم القدرة على تحويل المرضى للعلاج في الخارج نظرا للقيود والإجراءات التي يفرضها الاحتلال"، منبهاً إلى أن نسبة قليلة من المرضى يتمكنون من الخروج للسفر.
وبين أن أزمة الكهرباء انعكست بشكل خطير على الوضع في القطاع مما أثر على قدرة محطات معالجة الصرف الصحي على العمل، الأمر الذي تسبب بتلوث أكثر من 70% من مساحة شاطئ البحر في قطاع غزة بسبب ضح المياه العادمة للشاطئ دون معالجة ما حرم سكان من الإجازة الصيفية.
ولفت إلى أن الاحتلال لا يزال يفرض قيودًا على توريد كافة احتياجات سكان القطاع، عوضا عن تسبب الحصار بإغلاق مئات المصانع وتسريح آلاف العاملين وانضمامهم لصفوف العاطلين عن العمل.
وتشير بيانات رسمية إلى انخفاض الواردات إلى غزة بنسبة تتجاوز 15% خلال الربع الأول من عام 2018، فيما انخفضت عدد الشاحنات بنسبة 50% إذ يصل القطاع يوميا 350 شاحنة فقط.
في حين بلغت قيمة الشيكات المرتجعة 26 مليون دولار خلال الربع الأول من عام 2018، مما انعكس على حركة الأسواق والمال.
ويرى المزيني أن هذا الواقع ينبئ بانهيار تام إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لإنهاء الحصار بشكل فوري قبل وقوع كارثة إنسانية كبيرة، مشددًا على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية ومصلحة الإنسان على كل الاعتبارات الأخرى.

