إذا كان الإضراب عن الطعام واحدًا من أقوى وسائل الأسرى لمواجهة انتهاكات إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، فإن ذات الوسيلة اتخذها أسرى محررون ضد إجراءات هيئة شؤون الأسرى والسلطة الفلسطينية في رام الله؛ تجاههم.
وكان 36 أسيرًا محررًا وأربعة آخرون في سجون الاحتلال أضربوا عن الطعام احتجاجًا على قطع رواتبهم بقرار من رئاسة السلطة.
وبدأ هؤلاء منذ ثمانية أيام إضرابًا مفتوحًا عن الطعام قرب دوار المنارة في رام الله.
وكانوا يعتزمون تصعيد احتجاجهم بالإعلان، اليوم الاثنين، عن الامتناع عن شرب الماء، لكنّ وعودًا بحل ملفهم جعلتهم يعلقون خطواتهم كافة.
وقال الأسير المحرر عبد الهادي أبو خلف، إن وفدَّا يمثل الأسرى المحررين، قابل رئيس مخابرات السلطة اللواء ماجد فرج، أمس، وأخبرهم أن رئيس السلطة محمود عباس، طلب إنهاء ملفكم.
وبين خلف في اتصال مع "فلسطين"، أن فرج أبلغ المحررين أن معالجة الأزمة بحاجة إلى وقت.
وعلى إثر ذلك، قرر الأسرى المحررون فك الاعتصام وتعليق الإضراب، وفق خلف.
وكان أسرى من المشاركين في الاعتصام تحدثوا لصحيفة "فلسطين" في وقت سابق ، قد عبروا عن بالغ استيائهم من استمرار قطع رواتبهم.
وقال المحرر المضرب أمين اشتية: "لم يعد هناك مجال للحديث.. نريد إعادة الرواتب المقطوعة"، وبدا اشتية من نبرة صوته مصرا على تحقيق هذا المطلب.
واشتية من سكان مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، وأمضى 8 سنوات أسيرًّا لدى الاحتلال على فتراتمتقطعة.
وأضاف: "راتبي مقطوع دون أي مبرر، ولم نترك مؤسسة رسمية أو حقوقية معنية بشؤون الأسرى إلا وتوجهنا لها لإيجاد الحلول لقضيتنا، لكن الجميع كان يتهرب".
وقد أبلغت الأطراف التي توجه إليها المحررون المقطوعة رواتبهم، أن قطع رواتبهم جرى بقرار من الرئيس بزعم "معاداة الشرعية"، وفقاً للمحررين الذين تحدثت إليهم صحيفة "فلسطين".
وأشار اشتية إلى أن ما حدث معهم أوجد مفارقة عجيبة في سياسة "الأمعاء الخاوية" من أسلوب لمواجهة الاحتلال في السجون وانتزاع الحقوق من إداراتها إلى سلوك لمواجهة السلطة، والتي يفترض بها إعانتهم على الصمود.
وتابع: "الشرعية الآن هي للأسرى والمحررين (..) لكننا ردًّا على إجراءات السلطة بحقنا أردنا إسماع صوتنا للجميعوالمطالبة بحقنا المسلوب".
وقال إن السلطة لم تعترف بالمحررة بشرى جميل الطويل بأن الاحتلال اعتقلها في سجونه لمدد متقطعة.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا للمعتصمين وهم يفترشون الأرض في رام الله بعد أن صادر أمن السلطة الخيمة التي كانوا يقيمون بداخلها.
وقال الأسير المحرر ساجع صوافطة: "مضطرون لخوض هذا الإضراب ومطالبة السلطة بحقوقنا".
وصوافطة، أب لأربعة أطفال، وهو من سكان مدينة طوباس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، وأمضى 15 عامًا في سجون الاحتلال على مدد متفرقة.
وشارك صوافطة في الاعتصام منذ اليوم الأول لبدئه.
ووفقاً للقانون الفلسطيني، يحق لكل فلسطيني أمضى أكثر من 5 سنوات أسيرًا لدى الاحتلال راتب شهري.
وذكر صوافطة أن الأسرى المحررين نظموا في السنوات الماضية وقفات احتجاجية "لكنها لم تُجدِ نفعًّا، والآن آن الأوان لإنهاء هذا الملف".
والأسرى الأربعة الذين كانوا مضربين في سجون الاحتلال احتجاجا على قطع رواتبهم، هم: شكري الخواجا من نعلين، وعرفات القواسمة من الخليل، وعرفات ناصر من رام الله، ونزيه أبو عون من جنين، بحسب صوافطة.
وسبق أن أقرت رئاسة السلطة في رام الله، سلسلة إجراءات عقابية على قطاع غزة شملت قطع رواتب أسرى محررين من صفقة "وفاء الأحرار".
وفي السياق، أعربت النائب في المجلس التشريعي، د.جميلة الشنطي عن دعمها لمطالب الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم، مؤكدة رفضها لسياسة السلطة بفرض العقوبات وقطع رواتب المحررين.
وقالت في تصريح صحفي أمس: "سياسة رئيس السلطة محمود عباس لا تخدم سوى الاحتلال الصهيوني ومخالفة لمصالح شعبنا الفلسطيني".
وأضافت: "الأسرى الذين خرجوا من السجون لا يهنؤون بحياة كريمة وتلاحقهم وتطاردهم قوات العدو الصهيوني، وقوات أمن السلطة في الضفة، وفوق كل هذه المصائب تقوم السلطة بإجرام أكبر بقطع رواتبهم في ظل الظروف الصعبة".
وتابعت: "هؤلاء الأسرى ضحوا بأعمارهم وشبابهم وقاتلوا العدو، وحق علينا من كبيرنا وصغيرنا أن نحترمهم ونؤدي حقوقهم، وأن يُوفر لهم ولأبنائهم سبل عيش كريم".
وعدّت الشنطي استمرار قطع رواتب الأسرى المحررين "جريمة تمارسها سلطة عباس بحق مناضلين ضحوا بأجمل سنوات عمرهم من أجل وطنهم وقضيتهم".
وقالت: "سلطة عباس هي سلطة مستسلمة للاحتلال وتقاتل المقاومين وتحاربهم وتحاصرهم وتقطع عنهم قوتهم كما هي تحاصر غزة وتفرض عليها العقوبات الاجرامية لذات السبب".