لا يكاد يخلو جدول البرنامج لأي قناة تلفزيونية من برنامج صباحي متعدد الفقرات، ويختلف تماماً في طريقة تقديمه عن غيره من البرامج، وتُبث كلها في أوقات متقاربة، ومنها ما يتشابه في الشكل والمضمون، وهناك ما تطغى عليه السطحية على اعتبار أن هذا البرنامج يجب أن يكون خفيفاً، لكن ثمة قنوات تتميز فيما تعرضه، فتعطي مشاهديها مضمونًا عميقا ومفيدا وبطريقة سلسة وبسيطة.. عن البرامج الصباحية التلفزيونية أعدّت "فلسطين" هذا التقرير..
الفئة الأولى
يصف مدير الأخبار في قناة القدس عامر معروف البرامج الصباحية بأنها من برامج الفئة الأولى بالنسبة لأي قناة، لكونها موجهة لمختلف الفئات والشرائح، ولأنها تقدم رسالة مجتمعية.
ويوضح في حديثه لـ"فلسطين": "تقع بعض هذه البرامج في مشكلة السطحية مثل الخطأ في الإعداد وتكرار بعض الأفكار لوجود خلل في التخطيط المسبق لها، فأي برنامج يحتاج لتخطيط جيد، وعنه ينتج التنفيذ الجيد، أما سوء التخطيط فيؤدي إلى ثغرات تسيء إلى البرنامج، وللقناة كلها".
ويبين: "الإعلامي الذكي يعرف أنه يجب أن يعرض ما يريده المشاهد، فالبرامج الصباحية تقدم خدمة للجمهور تتمثل في تزويده بما يريد الاطلاع عليه ومعرفة تفاصيله، والمجال واسع إذ يمكن طرح القضايا فكرية أو المتعلقة بالشباب أو تلك التي تحتاجها مرأة وغيرها، ولكن المهم هو أن يتم تقديم هذه الموضوعات بشكل مدروس ومتقن ليشعر المشاهد بعمق ما يراه".
وعن التميز في البرنامج الصباحي لجذب الجمهور، يقول معروف: "الجرعة تكون متنوعة، وعنصر الإبهار يجب أن يكون حاضرًا، وهذا يتوقف على إمكانيات المؤسسة الإعلامية مثل ديكور الاستوديو الذي يجب أن يوازي إشراقة الشمس، وأن يحمل التفاؤل والسرور وينقل هذه الصورة للمشاهد بشكل يريحه، وكذلك المؤثرات الجرافيك والتقارير، إلى جانب مقدمي هذا النوع من البرامج، فهم الواجهة له، ولو امتلك المذيع الموهبة والأداء الجيد سيساهم في دعم البرنامج، أما إن كان العكس فسيؤدي إلى نفور المشاهدين".
ويضيف عن مواصفات مذيع البرنامج الصباحي: "لا بد من توفر عنصر القبول، والشخصية التي تجعله قادراً على إدارة برنامجه، فهناك من يبدع في نوعيات أخرى من البرامج ولكنه لا يناسب البرنامج الصباحي، بالإضافة إلى الحضور القوي، والإطلالة المريحة، والثقافة الواسعة، وسرعة البديهة، والتفاعل بشكل مميز مع الضيوف وبطريقة لا يبدو فيها التكلف".
ويتابع أن النساء يمثلن الفئة الأولى في متابعة هذا النوع من البرامج، وفقا لاستطلاعات الرأي التي تجريها القناة، ولكن هذا لا يعني غياب الفئات الأخرى.
ولأن معظم القنوات تبث برنامجًا صباحيا، وتستمر في عرضه لسنوات طويلة وليس في دورات برامجية محددة، فإن الكثير منها تتشابه في الشكل والمضمون، وكذلك تكرر القناة الواحدة نفسها فيما تعرضه، وعن هذا يوضح معروف: "بعض القنوات، ومن بينها الفلسطينية، تحاول أن تقلد بعضها، فأي حدث تتناول إحداها تقوم الأخرى بعرضه في اليوم التالي، وتستضيف الشخص ذاته، وتطرح عليه نفس الأسئلة، وهذا يضر القناة المُقلّدة".
ويؤكد أهمية التطوير لتجنب الوقوع في هذه المشكلة، وأن المسؤولية في ذلك تقع على المنتج ورئيس التحرير في الإشراف على البرنامج وعلى تطويره وضخ دماء جديدة، وتجديد المضمون والفقرات جديدة والديكور والأوجه التي تظهر على الشاشة، لافتا إلى أن هذه التغييرات يجب أن تكون مدروسة بعناية، وأن تتم في فترات متباعدة، بحيث يفصل بين التغيير والآخر عامان، ليشعر المشاهد بالاستقرار.
ويشير معروف إلى أن استقطاب الإنترنت لنسب كبيرة من متابعي التلفزيون يفرض على القائمين على البرامج الصباحية الاستفادة من الانترنت لصالحها، كعرض بعض الآراء المتداولة في مواقع التواصل، مؤكدا: "الإعلام الجديد بات العملة الأكثر تداولاً في الاعلام، ولا يمكن تجاوزه، بل ينبغي الاهتمام به".
الأكثر مشاهدة
ومن جانبه، يقول أحد معدّي البرنامج الصباحي في قناة الأقصى صابر أبو الكاس: "يختلف هذا النوع من البرامج عن غيره كونه يحمل العديد من الفقرات المنوعة التي تهم الأسرة بالدرجة الأولى، ويقدّم وجبة تلفزيونية خفيفة تشمل فقرات تهمّها".
ويضيف لـ"فلسطين" أن الإنسان في الصباح بحاجة لوجبة إعلامية خفيفة غير دسمة، ولكن هذا لا يعني أن يكون البرنامج سطحيا خاليا من الفائدة، إذ يمكن الجمع بين البساطة في الطرح والعمق في المضمون، متابعا: "استطلاعات الرأي التي تجريها القناة تشير إلى أن البرنامج الصباحي هو الأكثر مشاهدة، خاصة انه معاد، بسبب التنوع فيه وملامسته للأسرة، وكذلك تدل على أن النساء هن أكثر المتابعات".
ويواصل أبو الكاس: "التميز في هذه البرامج يعتمد على المحتوى وطريقة تقديمه، ويتم اختيار طريقة الطرح بما يناسب الموضوع، إذ من الممكن الاكتفاء بعرض جرافيك فقط عن الموضوع، أو التوسع فيه بالحديث إلى ضيف، أو التوسع أكثر باستعراض رأي الجمهور، وكل قناة تفعل هذا بشكل مختلف".
ويوضح: "معدّ البرنامج يجب أن يتمتع بقدر من الثقافة، ليختار الموضوعات بعناية، ومن ثم يحسن اختيار طريقة معالجتها، وتحديد زاوية جديدة للطرح لا تتشابه مع ما يرد في برامج صباحية أخرى"، لافتا إلى أن مصادر المعد تتنوع بين ما تورده وكالات الأنباء، ومراسلي القناة، وكذلك معايشة المجتمع ومعرفة مشاكل الناس واهتماماتهم واحتياجاتهم.
وبحسب أبو الكاس فإن التغيير والتطوير في البرنامج الصباحي ضرورة لا مفر منها، فبدونها يخسر البرنامج جمهوره الذي يشعر بالملل، وهذا ما يسبب مرور بعض البرامج بفترات ركود، لافتا إلى أن التغيير يشمل المضمون والفقرات والاستوديو والشكل الإخراجي والمذيعين، ولكن يُفضَّل أن يتم بالتدريج وليس دفعة واحدة، وبما يتناسب مع فلسفة القناة وهويتها.
ويشير إلى وجود فروق في البرامج الصباحية من مؤسسة إلى أخرى، ويعود إلى هذا إلى كون المحطة محلية أو عربية، بالإضافة إلى أن هوية المقاومة تفرض عليها طرح موضوعات وتجنب أخرى، لافتا إلى أن الفرق أكبر بين التلفزيون والإذاعة في برامج الصباح لكل منها فيما يتعلق بأسلوب العرض وليس المضمون، لأن التلفزيون يعتمد على المشاهدة والصورة التي تعبر عن الكثير من الكلام، وعلى شاشته يمكن عرض بعض المعلومات مكتوبة دون الحاجة إلى قولها، بينما في الإذاعة لا بد من جهد إضافي لتوصيل الفكرة.
ويبين أبو الكاس: "نعيش ثورة معلوماتية كبيرة جدا، والتكنولوجيا عامل مهم في التواصل، والاعلام الجديد استطاع أن يؤثر بشكل فوق المتوقع على الاعلام التقليدي، لذا فالإنترنت عامل مهم في تدعيم الفكرة الإعلامية التقليدية، وبالتالي فمن الجيد أن تُوجد البرامج الصباحية التلفزيونية رابطا بينها وبين الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.