تقدير موقف
خمسة أهداف إسرائيلية من الكونفدرالية الفلسطينية الأردنية
رغم مرور أيام طويلة على تصريح رئيس السلطة الفلسطينية بشأن الموافقة على الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية، شرط أن تكون (إسرائيل) جزءا من هذه الكونفدرالية "الثلاثية"، لكن التعقيبات الإسرائيلية على التصريح ما زالت تتفاعل.
يعتقد الإسرائيليون الرافضون لحل الدولتين أن خيار الكونفدرالية الفلسطينية مع الأردن، قد يكون هو الخيار الأمثل بالنسبة (لإسرائيل)، لأنها تصطاد من خلاله جملة عصافير في حجر واحد.
العصفور الأول أن الكونفدرالية تعفي (إسرائيل) من المسئولية عن إدارة شئون ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية، في ظل تراجع إمكانيات السلطة الفلسطينية من الناحية المالية مع الشح الواضح في مواردها المالية، وتسليم هذا الملف للأردن، باعتباره دولة قائمة بذاتها.
العصفور الثاني أن الكونفدرالية تعني أن حل الدولتين لم يعد قائما، وليس مجديا، مما يعزز وجهة نظر اليمين الإسرائيلي، الذي يرى أن هذا الحل مات إلى غير رجعة، وربما يتوافق ذلك مع توجهات الإدارة الأمريكية الحالية التي قلما تتحدث عن خيار الدولتين، وتنحو باتجاه الحكم الذاتي الموسع.
العصفور الثالث أن الحديث عن الكونفدرالية الفلسطينية مع الأردن في الضفة الغربية، يعزز الحديث عن الوصاية المصرية على قطاع غزة، مع الأحاديث الخجولة من مختلف الأطراف حولها، ولعل نقل المسئولية الإدارية والأمنية المصرية عن غزة يصبح أمرا واقعا، حتى لو كانت الأطراف تواصل رفضها من الناحية الإعلامية.
العصفور الرابع أن الكونفدرالية المأمولة إسرائيلياً بين الفلسطينيين والأردنيين، تستدعي من الأدراج خيارات قديمة لليمين الإسرائيلي، وعلى رأسها الوطن البديل، الذي يثير الكثير من الحساسيات الأردنية، الرسمية والشعبية، بل يتقاطع مع تنبؤات إسرائيلية تخرج إلى السطح بين حين وآخر، وتتحدث أن الملك عبد الله الثاني قد يكون آخر ملوك الأسرة المالكة.
العصفور الخامس يتمثل في حفظ الأمن والاستقرار الميداني في الضفة الغربية في ظل وجود أمن أردني يحكم قبضته على الأوضاع الأمنية، في محاكاة نموذجية للهدوء المحكم الذي تتمتع به الحدود الإسرائيلية الأردنية طوال عقود من الزمن، رغم أنها حدود طويلة بمئات الكيلومترات، وليست سهلة منبسطة، بل وعرة جبلية، ومع ذلك نادرا ما يسجل خرق أمني، أو تهديد أمني على إسرائيل من خلال هذه الحدود.
هذه العوامل الخمسة وغيرها تشير بما لا يدع مجالا للشك أن خيار الكونفدرالية الفلسطينية الأردنية يحقق لإسرائيل أهدافا بالجملة، أكثر مما يحقق للأردنيين والفلسطينيين، مما يطرح السؤال عن وجاهة حديث رئيس السلطة الفلسطينية حوله، وكيف له أن يطرحه أمام وفد إسرائيلي غير رسمي، دون التشاور مع الأشقاء في الأردن، مما تسبب بضجة شعبية ورسمية هناك، كان الجانبان في غنى عنها.