انتقدت التنظيمات الفلسطينية كل على حدة تصريحات محمود عباس التي أشاد فيها بتعاونه الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، وبالتحديد مع رئيس هذه المخابرات نداف أرغومان، واعترافه بتواصل لقاءاته الدورية مع هذا العدو الذي صفع بالعذاب الوحشي معظم الفلسطينيين.
النقد والشجب والإدانة لسياسة محمود عباس إجراءات لم تعد تكفي، ولم تعد تعالج الجروح التي مزقت جسد القضية الفلسطينية، الانتقادات والشجب لا يعالج مأساة شعب يتوجع ليل نهار من التعاون الأمني الكامل والمتكامل والمبالغ فيه بين أجهزة محمود عباس الأمنية، وأجهزة المخابرات الإسرائيلية، ولاسيما أن معظم أبناء الشعب الفلسطيني قد طفح الدم، وبصق القهر من قبضة المخابرات الإسرائيلية.
المخابرات الإسرائيلية لا تعمل في الاقتصاد، ولا عمل لها في الرياضة، ولا تختص بتجارة الموز والسيارات المستعملة، ولا شأن لها بالكهرباء والشواطئ والماء وكراتين البيض، المخابرات الإسرائيلية تعمل في حقل المعلومات الأمنية التي تخدم الصهاينة الغاصبين لفلسطين، والمحتلين لأرض الضفة الغربية وغزة، وتدوس على كرامة الفلسطينيين، وآخر انجازات المخابرات الإسرائيلية لصالح الكيان الصهيوني تمثلت في مئات الانتهاكات لحياة المواطنين في الضفة الغربية، حيث اعتقل الصهاينة 365 شخصاً في شهر 8 الماضي، وتم هدم 35 منزلاً، وتنفيذ 795 اقتحاماً، وإصابة 114 فلسطيناً، إضافة إلى 21 اقتحاماً للسجد الأقصى، وكل ذلك حدث خلال شهر واحد على أرض الضفة الغربية!!
ذلك كان ثمرة التعاون الأمني بين رجال عباس ورجال نداف ارغومان، وبنسبة 99% صبت لصالح الصهاينة على حساب أبناء الشعب الفلسطيني، وعلى حساب الكرامة العربية التي داسها جيش الصهاينة تحت أقدام التعاون الأمني؛ الذي يقدسه عباس إلى حد تنفيذ تصفية القضية الفلسطينية قطعة وراء قطعة تحت عيون التنظيمات الفلسطينية والقوى السياسية.
الشجب والرفض والإدانة والاعتراض وإصدار البيان لم تعد تفيد فلسطين، ولم تعد تثني محمود عباس عن استخفافه واحتقاره للإجماع الوطني الفلسطيني، المطلوب هو خطوات عملية، مظاهرات، مسيرات، يافطات، اعتراضات جدية تصل إلى التمرد والعصيان، والصراخ في أذن الشباب الفلسطيني بأن التعاون الأمني هو الخيانة، هو الخيانة بلحمها وعظمها وشحمها كما أشارت لذلك وثيقة الوفاق الوطني التي وقعت عليها التنظيمات الفلسطينية في القاهرة سنة 2011، والتي تقول إحدى فقرتها الثالثة، صفحة 7، والتي تختص في موضوع الأمن:
(إعطاء أي معلومات للعدو تمس الوطن والمواطن الفلسطيني تعتبر خيانة عظمى يعاقب عليها القانون).
فهل اللقاءات مع رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية تتم دون تبادل المعلومات التي تحبط الأعمال المقاومة للمحتلين أم لا؟
للعلم، فإن وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني قد استقت فقرة سلامة الوطن الأمنية من قانون القضاء الثوري الصادر عن منظمة التحرير سنة 1979، والتي تقول فيه المادة 140:
(يحكم بالإعدام كل من تخابر مع العدو، أو أعطاه معلومة، او عرض للخطر أي عملية مقاومة فلسطينية)!!!
فهل لقاءات عباس الأمنية مع المخابرات الإسرائيلية كانت بريئة من تقديم المعلومات الأمنية؟
نطالب بأن يبدأ التحرك الوطني لتقديم لائحة اتهام بالخيانة العظمى ضد محمود عباس، وذلك وفقاً لقانون القضاء الثوري الذي صادقت عليه مؤسسات منظمة التحرير، ووفقاً لوثيقة الوفاق الوطني الذي وقعت عليه كل التنظيمات الفلسطينية سنة 2011 بما في ذلك تنظيم حركة فتح.