فلسطين أون لاين

​مع عام هجري جديد.. محاسبة النفس ضرورة

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

سنة هجرية ستمضي خلال أيام قليلة، وتطوي صفحاتها. أفراح وأحزان ومواعظ وعبر. ستمضي السنة لتكون شاهدةً إما لك أو عليك، وسترى كل شيء من خير ومن شر، قال الله تعالى: "وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا".

فمع بداية عام جديد وانصرام آخر يقع لزامًا على الشخص محاسبة نفسه وتقييمها، ولكن يبقى التساؤل: ما هي المعايير التي يتم عليها عمل جدول لتقييم النفس على أفعالها وتصرفاتها وأدائها للعبادات والفروض وعلاقتها مع الله، بحيث لا يكون مرهقًا للنفس فتمل وتتعب، وفي ذات الوقت ليس متسيبًا؟

الداعية د. عبد الباري خلة قال: "على العبد المؤمن أن يقف مع نفسه فيحاسبها على كل عمل، على كل كلمة، وعلى كل شيء أنفقه، فلا بد من محاسبة النفس مع نهاية العام، وسل نفسك هل أديت الصلوات في جماعة في المسجد؟ أم كنت من الغافلين كما قال الله تعالى: "فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"؟ هل صمت رمضان وحججت البيت؟ هل أديت زكاة مالك؟ وهل كنت باراً بوالديك؟ هل أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر؟ هل رحمت الأرمل والمسكين؟ هل ابتعدت عن الحرام؟".

وأضاف د. خلة لـ "فلسطين": "سل نفسك ذلك، وتذكر قول حبيبك صلى الله عليه وسلم فيما رواه شَدَّاد بْن أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَيِّسُ: "مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ".

وأوضح خلة أن ما مضى من الأعمار كما قال الحسن البصري رحمه الله: يا بن آدم إنما أنت أيامٌ مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك، وقال عليٌ رضي الله عنه: ألا إن الدنيا قد ولت مدبرة والآخرة قد أسرعت مقبلة ولكل واحدةٍ منهن بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عملٌ ولا حساب وغداً حسابٌ ولا عمل.

وذكر قول ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ:" اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ".

وأشار خلة إلى أنه لا بد أن يضع المسلم لنفسه برنامجًا يسير عليه، فيقوم بواجباته نحو الله ونحو عباده فيتخذ له وردًا من القرآن الكريم ومن الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يحافظ على الجمعة والجماعة، وأن يزهد في الدنيا ويكون مع الله ليكون الله معه.

ولفت إلى أنه يختلف البرنامج من شخص لآخر وفق قدراته، ووقت فراغه، بحيث لا يقوم بعمل جدول يسبب له الإرهاق فيسير عليه فترة قصيرة ثم يترك، ويسير في طريق الإهمال والتسيب، فقليل دائم خير من كثير منقطع.