فلسطين أون لاين

​3 مشكلات نفسيّة تجاوَزْها لأفضل استثمارٍ في أبنائك

...
صورة أرشيفية
غزة- القاهرة/ حنان مطير:

إنّ الطفل في مسيرة حياتِه وفي مجتمعِه قصّة نجاح أو فشل، وحلم جميل أو كابوس مخيف، وثمرة ناضجة حلوة، أو ثمرة تالفة لا نفع منها، إنه أكبر استثمار في حياتنا وبعد الممات أيضًا، لذلك كان لا بد من الاستثمار فيه بطريقةٍ تجعل منه رجلًا بما تحمله الكلمة من معنى رائع.

فكيف لنا إذن أن نستثمر في أبنائنا؟ وكيف لنا أن نحقق لهم السعادة التي بدورِها ستكون سببًا في سعادتنا وفخرِنا الدائم بهم؟ "فلسطين" هاتفت مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية الدكتور أحمد الشريف للحديث في تلك الطرق المهمّة التي يتم من خلالها تحقيق الاستثمار الحقيقي في الأبناء من أجل أن ينفعوا أنفسهم وأهلهم وأمتهم، فالاستثمار الحقيقي هو الاستثمار فيهم لأنهم رأس مال آبائهم وليس الاستثمار لهم، لأن كل ما سيُستثمَر لهم سينفَد في يومٍ ما.

د. الشريف بدايةً يوضح أنه ليس كل أب والد ولا كل أم والدة، ولا كل والدٍ أب، ولا كل والدةٍ أمّ، فالآباء حسب قوله نوعان، أب ولادة وأب إفادة، والأم نوعان أيضًا، أم امتهان وأم عطاء وحنان.

ويبين أن هناك ثلاث مشكلاتٍ إن تم تجاوزها في تربية الطفل فإنه سيعيش أفضل وأسعد حياة، وسيكون أكثر الناس راحة، وتلك المشكلات هي: "الإهمال، والمساواة، والتدليل، وأخطرها المساواة" وفق قوله.

ويضيف: "كفى بالمرء إثمًا أن يبيع من يعول"، فالناس تظنّ أن الاهمال يكون بالتقصير المادي فقط، والإهمال هنا ليس إهمالا بالطفل بشكل مباشر، إنما بإهمال الأب أو الأم نفسيهما، كأن ينهى الأب ابنه عن التدخين وهو مدخّن، أو ينهاه عن السبّ والشتم في حين أنه يسبّ ويشتم الآخرين، وأن يطلب منهم الالتزام بالألفاظ الراقية والجميلة، في حين تكون ألفاظُه بشعة وغير محببة، فمهما نصح الآباء أبناءهم فإنهم لن يكونوا إلا مثلهم".

ويتابع: "الطفل يفهم ويحسّ، في حين أن الكثيرين من الآباء يظنون أن الابن لا يفهم وهو في سن صغير، فيفعلون ويقولون أمامه ما يشاؤون دون الاكتراث له، فما لا يفهمه الطفل يشعر به، ويُطبَع في أبعد مكانٍ من عقل الطفل ويؤثر في شخصيته".

ويواصل: "وبالتالي فإن إهمال الطفل ليس إهمال لمأكله ومشربه وملبسه، إنما في تكوين نفسيته فلو صلحت نفسيته صلحت كل حياته، فلتترك أول "6" سنوات تحديدًا في حياة طفلك لتربيته تربية خلوقة مميزة ثم اتركه ينطلق بنفسِه لأن السنوات الست هي سنوات الغرس".

مشاكل السنوات السِّتّ

ويكمل:" تلك السنوات السِّتّ تشتمل على ثلاث مشاكل إن تم تجاوزها ضمن الآباء سلامة أبنائهم النفسية، المشكلة الأولى تبدأ من الولادة حتى عمر العامين أي في سن الفطام "عقدة الفطام" فهي أول صدمة نفسية يمر بها كل أطفال العالم، فإن أُحسِن التصرف فيها فقدْ تجاوز المشكلة الأولى".

ويقول د. الشريف عن المشكلة الثانية: "تبدأ من عمر العامين حتى أربعة أعوام وتتمثل في عملية الإخراج والنظافة، والتي إن لم يُحسن التصرف فيها فإن الطفل سيكبر ويصاحبه الاضطراب النفسي المسمى "الوسواس القهري" وهو من أصعب الاضطرابات التي يمكن أن يعاني منه الإنسان".

ويضيف:" في المرحلة هذه تبدأ الأم بتدريب الطفل على "النظافة والتحكم في الإخراج" فإن تعرّض للضرب والصراخ فإنه لن ينسى ذلك الردّ أبدًا ويترك في داخله آثارًا نفسيةً صعبة، على عكس ما إن تعاملت معه الأم برويَة وتشجيع".

أما المشكلة الثالثة فتبدأ من العام الرابع حتى السادس وفق د. الشريف الذي يوضح: "هي مرحلة اكتشاف الهوية الجنسية، والتي يكون فيها ردّ فعل الأبوين سببًا إما في سواء طفلهم النفسي أو وقوعه في مشاكل واضطرابات كثيرة منها الشذوذ واضطراب الهوية الجنسية والاكتئاب والرهاب الاجتماعي".

ويعلق: "غالبًا ما يسأل الطفل عن المسميات الخاصة بأعضاء جسمه فيجيبه من حوله إجابات عادية حقيقية ولكن إن سأل عن أي شيء يخص الأمور الجنسية كان ردّ الفعل مختلفًا وصعبًا على الطفل، وبالتالي لابد من تعلّم كيفية الردّ على الطفل حال سؤال والديه عن أعضائه التناسلية واستفساره عن أي شيء يخص الأمور الجنسية فيكون ردّا علميًا بسيطًا يراعي السنّ والدين والاخلاق".

أما المشكلة الثانية التي لو تمّ تجاوزها عاش الأبناء بصحةٍ نفسيةٍ وحياة سعيدة هي مشكلة المساواة بين الأبناء، فالأصل في التعامل مع الأبناء هو العدل فيما بينهم وليس المساواة، فالمساواة تعني أن المحسن والمسيء متساويان في المعاملة وهذا من شأنه أن يدفع المسيء للاستمرار والتمادي في إساءته، ويدفع المحسن للتراجع عن إحسانِه كما يوضح د. الشريف.

وعن المشكلة الثالثة كما يقول فهي "التدليل الزائد، فلا يجب أن يحدث ذلك لأنه لن يُنشئ سوى طفل إمعة غير قادر على اتخاذ القرار، ويعاني من مشكلات نفسية كثيرة، إنما لابد من تربية الابن تربيةً مسئولة بدون إفراط في التدليل ولا التشديد، كي ينشأ قادرًا على المواجهة في حياتِه المستقبلية، فتلك المشكلات الثلاث إن تمّ تجاوزها في تربية الأبناء نجح الآباء في استثمار أمثل لأبنائهم وعاشوا دون معاناةٍ ولا اضطرابات نفسية.