حتى الزوج الظالم والصارم والعاصي والقاسي يجد داخل المجتمع من يردعه، ويحاسبه، فإن لم تفلح المحاسبة العائلية والعشائرية، فإنه يحاسب في المحاكم الشرعية، التي تجيز طلاق الزوجة المهضومة المظلومة من جوزها الجائر، وتجيز لها النفقة رغم أنف زوجها الفاجر العاهر.
ذلك اجتماعياً، أما سياسياً، فهل من حق غزة وأهلها أن يشتكوا ظلم محمود عباس إلى المجتمع العربي والدولي؟ هل يمكن التقدم بشكوى باسم مليونَيْن في غزة إلى جامعة الدول العربية؟ وإن لم يكن ذلك مجدياً، فلماذا لا يتقدم أهل غزة بشكوى إلى المؤتمر الإسلامي؟ فإن لم يكن فإلى المنظمات الإنسانية، ومن ثم مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
فمن العار أن ينتظر الشعب الفلسطيني حتى تموت غزة، ليشبع لطماً ونواحاً وتعزية لغزة الشهيدة، ومن العار أن تصمت الأمة العربية والإسلامية على جريمة معاقبة غزة ومحاصرتها من محمود عباس، دون أن يحركوا ساكناً، ومن المخزي أن يصمت المجتمع الدولي على جرائم تجويع الملايين في غزة وقطع الكهرباء عنهم وسجنهم في هذا المعتقل الذي تسيجه إسرائيل بالدبابات، وتحاصره بالطائرات، ويمسك بمفتاحه محمود عباس.
من المؤكد أن في غزة والضفة الغربية طاقات قانونية وإنسانية قادرة على صياغة شكوى، ورفع قضايا قانونية لدى منظمات حقوق الإنسان ضد محمود عباس، الذي يعاقب مليونَيْ إنسان في قطاع غزة، ويحض الإسرائيليين على حصارهم، والدلائل كثيرة، وهو يمارس عملياً قطع رواتب موظفيها، ويمنع عنها الكهرباء، ويعتمد المرسوم الرئاسي بديلاً للقانون، ويصادر الحريات، ويهين الكرامات، ويزجر الكفاءات والطاقات بشكل إرهابي يتنافى مع القيم والأخلاق الإنسانية، ويتعارض مع القانون الدولي الذي يكفل الحياة الكريمة للإنسان.
ولم يكتفِ محمود عباس بما سبق من ممارسات لا يقرها الوطنيون، ولا يسلم بها الإسلاميون، ولا يحترمها الحقوقيون ورجال المنظمات الإنسانية، بل يهدد عباس بفرض المزيد من العقوبات على أهل غزة، بل ويحرض علانية ضد غزة، ويدعو الجيش الإسرائيلي لمحاربة أهلها، وذلك من خلال اشتراطه للموافقة على التهدئة أن تتم المصالحة وفق منطقه القائم على جمع سلاح المقاومة، رغم إقرار المجتمع الدولي بحق الشعوب المحتلة في مقاومة المحتلين.
دعوة محمود عباس جيش الصهاينة لمحاربة غزة ليست جديدة، فقد اعترف وزير الحرب ليبرمان، بذلك حين قال: إن عباس يريدنا أن نحارب غزة نيابة عنه، وقد اعترف بذلك وزير الطاقة يوفال شتاينس، حين قال: محمود عباس يدفعنا لمحاربة غزة كي يعزز حكمه في الضفة الغربية.
حديث الوزراء الإسرائيليين، وحديث الواقع الفلسطيني الذي نعانيه يحرك أهل غزة لمطالبة القانونيين الفلسطينيين بالعمل لمحاكمة محمود عباس على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية أيضاً، حيث التعاون الأمني سهل مهمة الجيش الإسرائيلي على اقتحام المدن والمخيمات في الضفة الغربية، وأسس لتدمير مستقبل الشعب الفلسطيني.
ومن حق الشعب الفلسطيني أن يتحرك بشكل وقائي، وأن يحمل شخص محمود عباس المسؤولية عن أي حرب قادمة ضد قطاع غزة، وأن يتحمل مسؤولية الدماء التي ستسيل في شوارع غزة، وأن يتحمل مسؤولية آلاف الشهداء الذي سيرتقون، وفي عنق عباس عذابات آلاف الأسرى والجرحى، وكل ما سيلحق الشعب الفلسطيني من دمار وخراب ونسف وتشريد.
إنها دعوة مفتوحة إلى السياسيين والقانونيين الفلسطينيين والعرب للتحرك العاجل لدرء خطر محمود عباس قبل وقوعه، ولدق الأجراس في ساحات الضفة الغربية والبلاد العربية، قبل أن تغرق غزة في الحرب التي يحرض عليها محمود عباس، ويتمناها، ويحفر لها الخنادق.