فلسطين أون لاين

​لهذه الأسباب تبدو التهدئة خيارًا إسرائيليًّا مفضّلًا

في ذروة المباحثات التي تشهدها القاهرة لإبرام تهدئة بين المقاومة والاحتلال، وبالتزامن مع بروز جملة تحديات فلسطينية وإسرائيلية أمامها، فضلا عن تبادل الاتهامات في الحلبة الإسرائيلية، رغم كل ذلك لكن التهدئة ربما تبقى خيار إسرائيل المفضل، والأقل كلفة، والأقصر طريقًا، رغم بعض التحفظات المشروعة.

وقعت عينا كاتب السطور في الساعات الأخيرة على تشريح سياسي عسكري، لعله الأكثر دقة وموضوعية، يناقش خيارات إسرائيل تجاه حماس: بين العملية العسكرية، والمواجهة اللامحدودة، والتهدئة، لكاتبه "رون بن يشاي" الخبير المخضرم، وهو يتحدث عما أسماها سلبيات وإيجابيات التهدئة مع حماس، يمكن أن نعيد صياغتها وفق الرؤية الإسرائيلية.

تجدر الإشارة إلى أن التهدئة مع حماس يتشجع لها ثمانية من وزراء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، وتحظى بدعم الجيش ومجلس الأمن القومي، رغم تحفظات جهاز الأمن العام "الشاباك" خشية على الوضع الأمني في الضفة الغربية.

من الإيجابيات التي يمكن لإسرائيل أن تتحصل عليها فيما لو أبرمت التهدئة مع حماس، بطريقة غير مباشرة، أنها توفر الهدوء في المستوطنات الجنوبية، ولو لفترة محدودة، وتفسح المجال أمام الجيش لاستكمال إقامة العائق المادي على حدود غزة، كما تسهل للجيش والحكومة مواجهة ما يعتبرانه التهديد الإيراني في سوريا، خشية أن يخرج الجيش لمعركة مع غزة، ويستغلها الإيرانيون بفتح جبهة ثانية أو ثالثة على إسرائيل.

أكثر من ذلك، فإن التهدئة، وفق تصور إسرائيل، تمنحها على الصعيد السياسي والدبلوماسي فرصة الحصول على شرعية في الساحة الدولية للعمل عسكريا ضد حماس، إن فشلت التهدئة، وكانت هناك حاجة ماسة لعملية عسكرية واسعة.

ولعل الإسرائيليين الداعمين للتهدئة، يرون أنها، وفق تعبير بن يشاي، ستمكن من إعاشة مليوني فلسطيني في غزة، وتقلص مخاطر اندلاع أزمة إنسانية تتهم إسرائيل فيها، وسيكون للغزيين ما يخسرونه إن اندلعت مواجهة عسكرية معها.

لا يخفي الإسرائيليون رغبتهم، ولو من طرف خفي، بأن تحافظ التهدئة على إبقاء قطاع غزة والضفة الغربية في حالة انفصال وانقسام في ظل معارضة السلطة الفلسطينية لهذه التهدئة، ولعل اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، تجعل من مصلحة نتنياهو-ليبرمان عدم زعزعة الاستقرار الأمني بعملية عسكرية قد تورطهما في غزة.

ما تقدم من إيجابيات، لا يلغي تحفظات إسرائيلية أورد بن يشاي أهمها، بأنها لا تشمل نزع سلاح غزة، ولا تمنع المقاومة من التقوي العسكري، ولا تشكل ردعا أمام حماس بعدما أصابه من تآكل منذ مارس، ولا تضمن إعادة الجنود الأسرى في غزة، لأن حماس تصر على بحث قضيتهم في ملف منفصل.

أخيراً.. فبين إيجابيات التهدئة وسلبياتها تبدو المفاضلة الإسرائيلية صعبة ودقيقة، مما يجعل النسب متقاربة بقبولها أو رفضها، أو تفضيل بقاء الوضع في غزة كما هو دون اتفاقيات جديدة، مع تحسينات إنسانية محدودة.