لن يكون الاتحاد الدولي لكرة القدم أفضل حالاً وأكثر نزاهة من هيئة الأمم المتحدة في التعامل مع كل ما هو مرتبط باسم فلسطين وقضيتها العادلة، فالفيفا بصفتها المتحكم في مصير كرة القدم في العالم، تتعامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ العام 1948 على أنها دولة فوق القوانين، مثلما هي الأمم المتحدة التي أنشأت دولة الاحتلال والتزمت بتعزيزها وبقائها بل وحمايتها، دون التزام بإقامة الدولة الفلسطينية منذ العام 1948 وحمايته من بطش الاحتلال.
لم أكن أتوقع منذ العام 2015 عندما انعقد الكونغريس "65" للفيفا، أن أرى هذه المنظمة المفترض أنها نزيهة وعادلة، ترتدي ثوب الظلم والانحياز للباطل على حساب الحق، فقد أثبتت أنها منظمة لا تتحلى بالأخلاق والروح الرياضية، حيث ما طلت وسوفت وقتلت ملف فلسطين ضد الممارسات الإسرائيلية بحق الرياضة الفلسطينية ومن بينها وأبرزها إقامة أندية رياضية في المستوطنات المُقامة على الأرض الفلسطينية، وتبين ذلك من خلال اعتبار المسألة غير رياضية وأن الفيفا غير مخول بمناقشة مثل هذه الملفات.
اليوم وبعد قيام الفيفا بإصدار قرار بإيقاف اللواء جبريل الرجوب لمدة عام عن ممارسة الأنشطة المعتادة كرئيس لاتحاد الكرة الفلسطيني، فقد بات واضحاً للعيان أن الفيفا تخضع لضغوطات اللوبي الصهيوني من أجل حماية دولة الاحتلال.
اليوم وبعد هذا القرار الظالم، فإنه كان الأجدر على الفيفا أن تعاقب دولة الاحتلال التي خالفت ولا تزال تخالف النظام الأساسي للفيفا في كثير من الأمور، سواء في ملف أندية المستوطنات أو منع حرية الحركة للرياضيين على الأرض الفلسطينية المحتلة وقائمة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية اليومية للرياضة الفلسطينية.
وعلى مدار سنوات طويلة لم تقم الفيفا حتى بلفت نظر دولة الاحتلال على ما تقوم به تجاه الشعب الفلسطيني، وهي التي طردت دولة جنوب أفريقيا لعدة سنوات بسبب سياسة العنصرية والأبارتهايد، وهي نفس السياسة التي تقوم بها وتمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وهو ما يؤكد أن الفيفا أصبحت منظمة تكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بفلسطين ودولة الاحتلال.
كما وأن الفيفا يغض النظر عن كثير من الأمور المُحرمة دولياً حسب لوائح ونظام الفيفا، والتي مارستها دولة الاحتلال ضد الرياضة الفلسطينية، وأبرزها عدم معاقبتها لدولة الاحتلال على قيام قوات مسلحة من الجيش الإسرائيلي باقتحام مقر اتحاد كرة القدم عام 2015 وهو المقر المرفوع عليه علم الفيفا.
فلم نسمع ولم نرَ أي قرار أو أي موقف أو حتى إدانة من الفيفا ضد تجاوزات ومخالفات دولة الاحتلال تجاه الرياضة الفلسطينية، في وقت تقف بقوة في وجه فلسطين عندما يُقدم ضدها شكوى مثلما حدث عقب إلغاء الأرجنتين لمباراة منتخبها مع نظيره الإسرائيلي.
أخيراً وقبل الانتقال في المقال القادم غداً إلى جوانب أخرى من جوانب قرار الفيفا بحق فلسطين، أتمنى على اتحاد كرة القدم والأندية عدم التسرع في ردود الفعل، لأنها ستكون محسوبة ومراقبة وقد يكون لها انعكاسات سلبية على القضية برمتها.