في الوقت الذي غادرت فيه الوفود الفلسطينية القاهرة عائدة إلى قطاع غزة، معلنة تجميد المباحثات التي استضافتها القاهرة حول التهدئة، فإن أمامنا قرابة عشرة أيام إلى حين استئنافها، إن قدر لها أن تتجدد، بعيدا عن التعثر غير المأمول.
يبقى أمامنا الموقف الإسرائيلي، وما قد يطرأ عليه خلال هذه الأيام، في الوقت الذي تزداد فيه حدة الاستقطاب الحزبي حول مجريات التوتر الأمني الحاصل في غزة، وحالة التباين في المواقف السياسية مما قد تشهده غزة والقاهرة من تطورات.
الحقيقة أن الأيام العشرة القادمة من جمود مباحثات التهدئة برعاية مصرية، ستكون حبلى بمواقف إسرائيلية متراكمة، إن تواصلت المسيرات والبالونات الحارقة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، خاصة باتجاه زيادة الخطاب التصعيدي الرافض لأي تهدئة مع حماس، ودون الذهاب لمواجهة واسعة، بل الإبقاء على حالة اللا حرب واللا سلم، من خلال العودة بالأمور لما كانت عليه عشية الثلاثين من مارس آذار الماضي، لدى انطلاق مسيرات العودة.
ربما كان مهماً إنجاز مباحثات التهدئة في القاهرة، وعدم انفضاضها قبيل الاتفاق على خطوطها العامة، لأن الإعلان عن تجميدها لعشرة أيام جديدة، يعني دخول أطراف أخرى على خط تعقيد هذه المباحثات، وإمكانية حدوث استقطابات جديدة من شأنها عدم تشجع الفصائل الفلسطينية للمضي قدماً نحو التهدئة من جانب، ومن جانب آخر ارتفاع وتيرة الحراك الإسرائيلي الداخلي باتجاه الانتقادات الموجهة لأداء الثنائي نتنياهو-ليبرمان نحو غزة.
تدرك حماس جيدا أن قدرتها على جمع الفصائل حولها في مباحثات القاهرة، بمظهر وحدوي قلما تكرر في السنوات الماضية، إنجازا للحركة، مهم أن تحافظ عليه، مقابل الحالة المعزولة التي شعرت بها فتح في رام الله خلال اجتماع المجلس المركزي، وهو استحقاق قد تتروى الحركة كثيرا، أو هكذا الأصل، في عدم التفريط به، مقابل تحقيق تهدئة مؤقتة، قد لا تصمد طويلا مع إسرائيل.
تدرك إسرائيل أن المواقف الفلسطينية غير موحدة على موضوع التهدئة، وهي بذلك تلقي الكرة في الملعب الفلسطيني، وتحاول إبقاء الإشكالية في الساحة الفلسطينية وبين الفصائل، وهي بذلك تحاول إخلاء مسئوليتها عن أي عرقلة لمباحثات التهدئة، المتعثرة أصلا، مما يضع مسئولية أخلاقية على الفصائل الفلسطينية في عدم منح الاحتلال فرصة التنصل من هذه المسئولية.
أمامنا أيام عشرة مليئة بالأحداث الأمنية والسياسية، تتطلب من القوى الفلسطينية إبقاء مسئولية أي تعثر أو عرقلة أو رفض لمباحثات التهدئة في جانب الاحتلال الإسرائيلي، وليس في الصف الفلسطيني، من خلال الحفاظ على موقف موحد حول الخطوط العامة للصيغة الأقل كلفة لمستقبل الوضع في غزة خلال المرحلة القادمة.