فلسطين أون لاين

الصحفي القيق.. لوحة تحدٍّ إعلامية في وجه الاحتلال

...
صورة أرشيفية
رام الله / غزة - يحيى اليعقوبي

لم يمكث المحرر الصحفي محمد القيق، طويلًا، خارج أسوار سجون الاحتلال الإسرائيلي، منذ الإفراج الأخير عنه في 19 أيار/ مايو العام الماضي، عقب خوضه إضرابًا فرديًا عن الطعام، لمدة 94 يومًا، رفضًا لاعتقاله إداريًا، لتعود قوات الاحتلال، أمس الأول، اعتقاله مجددًا.

وأبدع الصحفي القيق، في رسم لوحة من الصمود والعزيمة، ورفضه لذل الاحتلال عبر إضرابه الفردي عن الطعام، الذي واجه خلاله شتى أنواع التعذيب النفسي والإهمال الطبي.

واعتقلت قوات الاحتلال، أمس الأول، الصحفي القيق، على حاجز "بيت إيل" قرب مدينة رام الله.

وتقول زوجته الصحفية فيحاء شلش: "إنه حتى اللحظة لا يعرف عن زوجها أية معلومة جديدة سوى أنه معتقل، ومضرب عن الطعام"، دون الإشارة إلى المكان الذي يتواجد فيه.

وتضيف شلش لصحيفة "فلسطين": "زوجي تعرض للاحتجاز ظهر الأحد أثناء توجهه لفعالية مطالبة باسترداد جثامين الشهداء في بيت لحم، وكان معه أربعة من آباء شهداء انتفاضة القدس، فقام الاحتلال باحتجاز وثائقهم، لمدة ساعة وأفرج عنهم.. وأثناء عودتهم الساعة العاشرة مساء، احتجز الاحتلال زوجي وذوي الشهداء عند حاجز "بيت إيل" لمدة ساعة ثم أرجع الوثائق الشخصية لأهالي الشهداء وأبلغهم أن محمدًا معتقل".

وأشارت إلى أن زوجها الأسير محمد القيق، أبلغ أهالي الشهداء أنه مضرب عن الطعام، مبدية في الوقت ذاته، فخرها بزوجها، وبصماته الجماهيرية في المشاركة في فعاليات استرداد جثامين الشهداء، لكن "الاحتلال لا يروق له أي تحرك فلسطيني، ولا يريد للشعب أن يطالب بحقوقه".

وتتابع: "عندما خرج محمد من السجن بعد إضراب لمدة 94 يومًا آثر بأن يقف بجانب أهالي الشهداء ويبقى فعالًا في الساحة الوطنية".

لكنها تؤكد أن حراك زوجها سلمي ولا يتعارض مع أي قانون حتى مع قوانين الاحتلال بل يتماشى مع القوانين الدولية في الاعتراض والاحتجاج السلمي، مضيفة: "الحراك الذي يشارك فيه محمد هي اعتصامات سلمية في مراكز المدن الرئيسة يحمل بها أبناء الشهداء لافتات تطالب بالإفراج عن جثامين الشهداء، ولم نجد أي حراكات عنيفة حسب تعريفات الاحتلال".

والاحتلال فتح على نفسه أبوابًا جديدة، بحسب شلش، ولا سيما أن أهالي الشهداء نظموا وقفة أمس، مع القيق, على دوار المنارة برام الله، مؤكدة "أن الحراك سيستمر طالما أن محمدًا بقي أسيرًا في سجون الاحتلال".

وتستطرد في حديثها: "زوجي عزيز لا يقبل على نفسه إهانة أن يكون معتقلًا دون أي مسوغ، ودون أي تهمة.. الاحتلال اعتقل محمد دون أي مبرر خلال إضرابه الأول، ولم ينتزع منه أي اعتراف, وبعد فترة طويلة من الإضراب اتهمه بأنه يمارس التحريض"، مؤكدة أن الاحتلال يحاول تلفيق أية تهمة من أجل أن يبقي زوجها أسيرًا.

والقيق، كما تؤكد شلش، لا يكترث بالوضع الصحي أو الجوع أمام حريته وكرامته، موجهة رسالة للمسؤولين: "لا نريد أن نكرر نفس العبارات بالمناشدة للوقوف معنا (...) في البداية لم يكن الناس يعرفونه، أما اليوم فهو أيقونة لرفض الظلم، والذل، فيجب علينا كفلسطينيين التضامن مع مطالب هذا الأسير الذي رفض الظلم منذ اليوم الأول لاعتقاله".

انتهاك قانوني

من جهته، قال الحقوقي في مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، مهند كراجة، "هذا ليس غريبًا على الاحتلال باستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان كالصحفيين، وهذا مخالف لقوانين حقوق الإنسان التي تنص على حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وعدم التعرض لهم".

وأضاف كراجة لصحيفة "فلسطين": "مطلوب من نقابة الصحفيين التحرك بشكل جدي تجاه هذا الملف، وخاصة وأن القيق استهدف أكثر من مرة من قبل الاحتلال على خلفية عمله الصحفي"، مؤكدًا أن سلطات الاحتلال تخالف كافة المعاهدات الدولية التي وقعت عليها.

وشدد على ضرورة وجود موقف واضح من قبل السلطة تجاه صحفيي دولة الاحتلال الذين يمارسون عملهم بحرية داخل الضفة الغربية، للضغط على الاحتلال في قضية اعتقال الصحفيين الفلسطينيين.

ورأى الحقوقي أن الاحتلال يوصل رسالة لكافة الشباب والناشطين الإعلاميين الأحرار الذين طالما فضحوا سياسات الاحتلال في الوسائل المختلفة، بأن مصيرهم سيكون مثل القيق وآلاف الأسرى داخل سجون الاحتلال، مشددًا على ضرورة أن تقوم مؤسسات حقوق الإنسان بحشد وتأييد مثل هذه القضايا لدى الشعوب والمؤسسات الدولية.

وفي السياق، قالت الحملة الدولية للتضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال (تضامن): إن سياسة الاحتلال في إعادة اعتقال الأسرى المحررين، "إجرام مرفوض وانتهاك صارخ للقوانين الدولية".

وأضافت الحملة في بيان صحفي، أمس: إن سلطات الاحتلال تحاول إجبار الأسرى المحررين على ترك العمل النضالي ضدها، والقبول بخيار الإبعاد عن فلسطين في حال إبرام صفقات تبادل مع الاحتلال مستقبلًا.

وحذرت "تضامن" من تحويل الأسرى المحررين إلى الاعتقال الإداري، "الذي يعد إجرامًا بحق الأسرى، ويجيز لسلطات الاحتلال اعتقال الأسير دون محاكمة ولفترات طويلة، ما يدفع الأسرى إلى الإضراب المفتوح عن الطعام".

ودعت "تضامن" إلى أوسع حملة دعم وإسناد للأسرى في سجون الاحتلال، في ظل ما يتعرضون له من انتهاكات لحقوق الإنسان؛ من منع الزيارات، والتعذيب، والاعتقال الإداري، وإعادة اعتقال المحررين، والعزل الانفرادي وغيرها من الممارسات الإجرامية.

جريمة

إلى ذلك، أدانت النائب عن كتلة التغيير والإصلاح، د. جميلة الشنطي، إعادة اعتقال قوات الاحتلال الصحفي محمد القيق معتبرًا إياها بالجريمة الجديدة بحق حرية الصحافة وتدلل على همجية الاحتلال التي تطال الصحفيين والشعب الفلسطيني.

وأكدت الشنطي في بيان صحفي، أمس، أن سياسية الاعتقال لن تكسر عزيمة وإرادة الشعب الفلسطيني وستزيده إصرارًا على التمسك بحقوقه وأن هذه الممارسات والاعتقالات لن تفت في عزمه، موجهة التحية للصحفي القيق وأسرته الصابرة الصامدة.