فيما تستعد الأحزاب الإسرائيلية لخوض الانتخابات البرلمانية للكنيست أواخر العام القادم 2019 وفقا لما هو مقرر، فإن الإشكاليات الحزبية الداخلية الخاصة بقضية تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي، وبروز خلافات داخل الائتلاف الحكومي قد تسرع بانفراط عقده، بحيث تتم الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة..
وبدا واضحا أن غزة والوضع فيها، تهدئة أو تصعيدا، بات يتصدر المزاودات الحزبية الداخلية، بما فيها شركاء الحكومة، لا سيما من طرف حزب البيت اليهودي من جهة، وحزبي الليكود ويسرائيل بيتنا من جهة أخرى.
تجلى ذلك في التصريحات التي خرجت الأيام الأخيرة الرافضة لمباحثات التهدئة الجارية مع حماس، بدأها نفتالي بينيت وزير التعليم وزعيم حزب البيت اليهودي ووزيرة القضاء آيليت شاكيد، اللذان شنا هجوما لاذعا على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان، باعتبار ما يتم التوصل إليه مع حماس، خضوعا لها، ونزولا عند شروطها.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس، وهو من رموز حزب الليكود، لم يتوان عن التهكم على مباحثات التهدئة، غامزا بقناة ليبرمان، الذي عارض بقوة مقترحه الخاص بإنشاء جزيرة مائية لقطاع غزة تمهيدا للانفصال عنه نهائيا..
لم يتوقف ميدان المزاودة والاستقطاب على الكوادر الحزبية والسياسية، بل تعداه إلى وسائل الإعلام والأوساط التحليلية التي أفسحت صفحات واسعة من صحفها وساعات بث طويلة من قنواتها التلفزيونية وبرامجها الإذاعية، للتهكم على أداء الحكومة، وما تعتبره تراجعا في مواقفها، وخوفا من ذهابها نحو مواجهة مع حماس في غزة.
ربما شكل فيديو الأرانب النموذج الأكثر قسوة وهو يشبه وزراء المجلس الوزاري المصغر بهم، باعتبارهم جبناء غير قادرين على المواجهة، وصولا إلى تشبيه ليبرمان بأنه "وزير التفاح" حين كان يتجول في أسواق سديروت، فضلا عن إطلاق وصف "مستر ميكروفون" بدلا من "مستر بيتخون"، ويعني بذلك أنه تحول من سيد الأمن إلى سيد الشاشات التلفزيونية والمؤتمرات الصحفية..
هكذا تحولت غزة مادة دعائية انتخابية مبكرة في الأوساط الإسرائيلية، لتبادل الاتهامات تارة، والمزاودة تارة أخرى، وتسجيل النقاط على بعضهم البعض تارة ثالثة، وكلما اقترب الوقت من إعلان الانتخابات المبكرة، أو في موعدها المقرر لها، فمن المتوقع أن تكون جوهر الأحاديث الصحفية والمؤتمرات الحزبية في المرحلة المقبلة.
أخيرًا.. لم تنته مداولات التهدئة بعد، ويفترض بين حين وآخر، أن يتم الإعلان عنها، حينها سيستل كل حزبي سيفه وينقض على رئيس الحكومة ووزير حربه، باعتبارهما ضربا قوة الردع الإسرائيلية في مقتل، ومنحا حماس فرصة التقاط أنفاسها، مستعينين بصور هروب مستوطني غلاف غزة خلال جولة التصعيد الأخيرة حين تم إطلاق رشقات قذائف المقاومة باتجاهها.