أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) بظهور الخوارج, وبين أوصفاهم, وحذرنا من شأنهم، وأمر بقتالهم, فعن ابن عمر (رضي الله عنهما) أن رسول الله قال: "ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع", قال ابن عمر: "سمعت رسول الله يقول: (كلما خرج قرن قطع (أكثر من عشرين مرة) حتى يخرج في عراضهم الدجال)".
قال ابن تيمية: "أنهم لا يزالون يخرجون إلى زمن الدجال، وقد اتفق المسلمون على أن الخوارج ليسوا مختصين بذلك العسكر".
وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال: "ولقد سمعت رسول الله يقول: (يخرج من أمتي قوم يسيئون الأعمال، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم)"، قال يزيد: "لا أعلم إلا قال: "يحقر أحدكم عمله من عملهم، يقتلون أهل الإسلام، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، فطوبى لمن قتلهم، وطوبى لمن قتلوه، كلما طلع منهم قرن قطعه الله "، فردد ذلك رسول الله عشرين مرة أو أكثر وأنا أسمع".
وقال (صلى الله عليه وسلم): "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"، هذا من تسويل الشيطان للقوم وتزيينه لهم، فإنه لما أحس بقلة عقولهم ملكها.
وفي هذا معجزة باهرة للرسول إذ وقع منهم ما أخبر به، فإنهم كانوا يسلون سيوفهم على أهل الإسلام بالقتل وكانوا يغمضونها عن الكفار من اليهود والنصارى، وكانوا يعظمون ظلمهم، بل بلغ بهم سوء حالهم أن عنفوا أحدهم على تناوله حبة تمر من نخيل كتابي، كما زجروا أحدهم ولاموه على قتله خنزيرًا لمعاهد، أما سفكهم دماء أهل الإسلام فإنهم يستحلون ذلك ويهونون أمره، ولا يلومون عليه، كقتلهم عبد الله بن خباب بن الأرت وغيره من المسلمين، فإنهم فعلوا ذلك واستعرضوا الناس بالسيف دون أن يقول بعضهم لبعض: "هذا منكر".
وقد ظهر في زماننا من يحمل أفكارهم ومعتقداتهم, ويحمل صفاتهم، ويفعل أفعالهم, لكن لابد من النظر والتروي في إسقاط أي حديث على الواقع المعاصر, فإن من القواعد المسلم بها في تنزيل النصوص على الواقع: "أن يكون تنزيل النص على الواقع عاريًا من التكلف, والتحقق من طبيعة الواقع".