في مدينة شيكاغو ألقى الرئيس أوباما خطاب الوداع لقرب مغادرته البيت الأبيض، بحضور عائلته، ونائبه بايدن، ومما قاله مما يعنينا كمسلمين قوله: "أنا أرفض التمييز ضد المسلمين الأمريكيين"، مؤكدًا أنه "لا يمكن لنا أن ننسحب من هذه المعركة العالمية من أجل توسيع الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، بغض النظر عن الجهد المبذول"، موضحًا أن القتال ضد "التحامل والتحيز والشوفينية" هو نفس القتال ضد الديكتاتورية".
أوباما هنا ليس كدونالد ترامب فيما يتعلق بالمسلمين في أمريكا، فبينما يبدي أوباما تفهمًا وتسامحًا مع الأقليات، ومنها الأقلية المسلمة، يعرب الآخر عن حقد وتهديد للأقليات داخل أمريكا وخاصة الأقلية المسلمة، حيث يلصق الإرهاب في الإسلام نفسه، أكثر مما يربطه بالأفراد. ولكن تكشف الدراسة العلمية لسنوات حكم أوباما أنه لم يكن متمسكًا بالديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في الوطن العربي على الأقل، فموقفه من الربيع العربي، وهو ثورات شعبية تطالب بالحريات والديمقراطية، كان موقفًا معاديًا، ومناصرًا للديكتاتورية، وتسلط الجيش، والفرد في النظام.
أوباما لم يفعل شيئًا موجبًا لحماية الشعب السوري، ومساعدته للحصول على الديمقراطية، وحقوق الإنسان، قبل أن تتحول الاحتجاجات المدنية السلمية إلى ثورة عسكرية، وبعد تحولها أيضًا، بينما أبدى اهتمامًا كبيرًا بمصالح إسرائيل من خلال نزع السلاح الكيمياوي من النظام السوري.
أوباما يودع جمهوره من الديمقراطيين وغيرهم بكلمات مديح وإطراء للشعب الأمريكي، ولزوجته، وابنتيه، ونائبه، ويزعم أنه حقق إنجازات كبيرة في عهده لأمريكا, ومنها مثلًا قوله: إن "أي منظمة إرهابية لم تتمكن من مهاجمتنا في الأعوام الثمانية الماضية، ولن يستطيع أي شخص يهدد الولايات المتحدة أن يعيش بسلام، وزعم أن أهم عمل في مجال مكافحة الإرهاب هو قتل أسامة بن لادن؟! ونسي الرئيس أنه قتل بن لادن الشخص، ولكنه لم يقتل بن لادن الفكرة، أعني فكرة كراهية الولايات المتحدة الأمريكية من نفوس الناس في العالم وخاصة في الشرق الأوسط.
أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والرعاية الأمريكية، وحلّ الدولتين، فقد بدا عمليًا لكل متابع أنه وخارجيته كانوا بمثابة سيارة الإطفاء المحايدة.
نعم هو يقول: إن سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الداعمة للاستيطان في الأراضي المحتلة، تجعل إقامة دولة فلسطينية أمرًا شبه مستحيل. ويقول: إن بيبي يقول إنه يؤمن بحل الدولتين، ومع هذا فإن أفعاله تظهر دومًا أنه إذا ما تعرض لضغوط للموافقة على المزيد من المستوطنات فإنه سيفعل هذا بغض النظر عن ما يقوله عن أهمية حل الدولتين؟!".
وهنا يسأل كل فلسطيني، كما تسأل السلطة، وماذا فعلت يا سيد أوباما على مدى ثمانية أعوام كاملة وأنت في البيت الأبيض للتغيير من سياسة دولة (إسرائيل) فيما يتعلق بالاستيطان؟! ما الإجراء العملي الذى اتخذته إدارتك لتنفيذ حلّ الدولتين، ومواجهة التطرف الإسرائيلي في هذه المسألة؟!
نحن كفلسطينيين نرصد العكس، نرصد أنك قدمت أحدث الطائرات الأمريكية لإسرائيل في ظل حكم نتنياهو، وأنك قدمت لهم دعمًا ماليًا بقيمة (٣٨) مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة، وجلها مساعدات عسكرية واقتصادية، وهذا يجعل نقدك لنتنياهو نقدًا باردًا لا قيمة له، والحقيقة أن إدارتك فشلت على مدى السنوات الثماني في حل الأزمة، ونجحت في بيع الوهم لمحمود عباس والسلطة، ليس إلا. لذا لا نأسف كثيرًا ولا قليلًا عندما تغادر البيت الأبيض بعد أيام معدودة.