قال مسؤولون في القطاع الصحي وحقوق الإنسان، إن قوات جيش الاحتلال تتعمد استهداف المسعفين على السياج الأمني الفاصل شرقي قطاع غزة، رغم العلامات البينة الدالة على هويتهم وتميزهم عن المتظاهرين السلميين، وعلم جنود الاحتلال بقواعد القانون الدولي والإنساني التي تكفل تحييد الطواقم الطبية عن النيران في أوقات النزاع.
وتعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل ثلاثة مسعفين منذ انطلاق مسيرة العودة في 30 آذار/ مارس الماضي، كان آخرهم المسعف عبد الله القططي (20 عامًا) الذي استشهد أول من أمس، خلال تطوعه لإسعاف المصابين المشاركين في جمعة "الحرية والحياة لغزة".
وكان جنود الاحتلال قتلوا في وقت سابق وبتاريخ 1/6 المسعفة المتطوعة رزان أشرف النجار (21 عاماً) والمسعف موسى جبر أبو حسنين (36 عاماً) في 13/5 وهم يقومون بواجبهم المهني والإنساني في إنقاذ حياة الجرحى والمصابين برصاص وقذائف الاحتلال.
ومنذ انطلاق المسيرة استشهد 167 مواطنًا وأصيب 18 ألفًا آخرون بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع من بينهم 370 مسعفًا، كما تضررت 70 سيارة إسعاف، بحسب المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة.
وأكد القدرة، تعمد قوات الاحتلال استهداف الطواقم الطبية رغم وضوح شاراتها الطبية المُعرفة دوليًّا، مشيرًا إلى أن موضع الإصابة القاتلة للمسعف القططي (جهة القلب) تظهر تعمد قوات جيش الاحتلال قنصه في أثناء تأديته عمله الإنساني مع فريقه التطوعي لإسعاف المصابين شرق رفح.
وقال القدرة لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال تعمد في جمعة الحرية والحياة لغزة، إصابة خمسة مسعفين بجراح مختلفة رغم ارتدائهم المعاطف الطبية، وأطلق النار صوب سيارات الإسعاف وعرض حياة طواقمها للخطر المباشر، الأمر الذي يستدعي من المجتمع الدولي ومؤسساته الإنسانية والحقوقية العمل الفوري لوقف الانتهاكات الإسرائيلية العدوانية المستمرة بحق شعبنا الأعزل وفقًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة.
وأضاف: "طبيعة ونوعية الإصابات التي وصلت المستشفيات في الجمعة الـ20 لمسيرة العودة تدلل على أن قوات الاحتلال تعمدت القنص المباشر للمواطنين في الأماكن القاتلة والحساسة من الجسم باستخدام أعيرة نارية متعددة الأنواع، ما رفع عدد الشهداء إلى ثلاثة شهداء وأوقع 307 مواطنين منهم 28 طفلًا".
حملات ضغط ومناصرة
بدوره، يتفق مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني د. بشار مراد، مع سابقه بتعمد سلطات الاحتلال استهداف الطواقم الطبية العاملة في الميدان رغم ارتدائهم شارات تميزهم عن غيرهم.
وأوضح مراد لصحيفة "فلسطين"، أنه ومنذ بدء مسيرة العودة أنشئت خمس نقاط طبية بالقرب من شارع "جكر"، وبسبب استهداف جيش الاحتلال المباشر لتلك النقاط اضطررنا للتراجع للخلف لأكثر من كيلو متر لحماية الطواقم الطبية والمصابين.
وقال: إن الاحتلال يصر على مواصلة جرائمه بحق الطواقم الطبية بإصابة العشرات منهم بالأطراف العلوية أو السفلية من خلال إطلاق النار وقنابل الغاز عليهم عن سبق إصرار، وكذلك استهداف سيارات الإسعاف بشكل مباشر رغم أن القانون الدولي يتيح لهم ممارسة عملهم والوصول لمناطق النزاع وتقديم خدماتهم للجرحى دون تعريض حياتهم للخطر.
وطالب مراد جميع الجهات الدولية الحقوقية والإنسانية والمهتمين بالشأن الصحي العمل على تشكيل حملات ضغط ومناصرة لمنع استهداف الطواقم الطبية ووقف جرائم الاحتلال بحق المتظاهرين السلميين على السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 48.
شواهد حية
من جهته، أكد نائب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لقطاع غزة جميل سرحان، أن الشواهد لدى الهيئة تشير إلى تعمد قوات الاحتلال استهداف الطواقم الطبية العاملة على إنقاذ جرحى مسيرة العودة السلمية.
وقال سرحان لصحيفة "فلسطين" إن حجم ونوعية إصابات المشاركين في مسيرة العودة يظهر إصابتهم في أماكن قاتلة وحساسة، لافتًا إلى أن الاحتلال يستهدف بشكل مباشر الطواقم الطبية من خلال قنصهم في الأجزاء العلوية من الجسم الأمر الذي يؤكد تعمد قتلهم.
وأوضح أن السبب وراء استهداف الطواقم الطبية "إيقاع الرعب في صفوف المسعفين والمتظاهرين السلميين وإبعادهم عن الميدان"، مشيرًا إلى أن ذلك يشكل مخالفة لجميع الأعراف والاتفاقات الدولية الخاصة بحماية الطواقم الطبية في أثناء المعارك أو الحروب.
ودعا سرحان إلى فضح الجرائم الإسرائيلية ونشر جميع الانتهاكات التي تمارس بحق الطواقم الطبية في مختلف المحافل الدولية، مطالبًا السلطة الفلسطينية وكل الجهات المعنية بالجانب الصحي بجمع كل البيانات والأدلة التي تثبت تورط الاحتلال بارتكاب جرائم بحق الطواقم الطبية وتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية.
بدورها، استنكرت مؤسسة لجان العمل الصحي الصمت الدولي الحقوقي والإنساني تجاه استمرار الاحتلال الإسرائيلي في استهداف الأطقم الصحية والإنسانية في فلسطين المحتلة والتي كان آخر فصولها قتل المسعف القططي.
وقالت العمل الصحي في بيان لها نشر أمس: "إن تجرؤ الاحتلال ومواصلته القتل العشوائي وقنص المواطنين ومن ضمنهم المسعفين لم يأت إلا كنتيجة للصمت الدولي تجاه هذه الجرائم ووسط تغطية كاملة من قادة الاحتلال الإسرائيلي للجنود في الميدان وأن قتل المسعفين واستهداف الأطقم الصحية وسيارات الإسعاف يمثل انتهاكاً خطيراً للمعايير الدولية التي نظمت قواعد حماية العاملين في المجال الطبي والإنساني".
وأضافت: هذه الجرائم "ترتقي لانتهاكات جسمية وجرائم حرب وفق إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والالتزامات المنطبقة بموجب البروتوكولات الإضافية لعامي 1977 و2005 الملحقة بتلك الاتفاقيات فيما يتعلق بحماية المدنيين والعاملين في المجال الطبي والعاملين في مجال تقديم المساعدات الإنسانية".
وطالبت العمل الصحي المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل والفوري لحماية المدنيين والعاملين في القطاع الصحي والإنساني، وكذلك طالبت بالتدخل الفوري للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار المستمر على قطاع غزة منذ 12 عاما.

