خرج الإسرائيليون من جولة التصعيد العدوانية الأخيرة ضد غزة بقناعة تكاد يجمعون عليها، أن حماس خرجت ويدها العليا في هذه المواجهة القصيرة الخاطفة، مما جعل الحكومة الإسرائيلية تظهر وكأنها تستعد لمعركة ضد الحركة، قد تبدأ خلال أيام أو أسابيع معدودة.
يرى أنصار هذا الرأي من الإسرائيليين أن حماس قادت هذه الجولة الأخيرة لتجبي ثمناً من الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهذا ما حصل فعلا، ولعل مشاهد الهروب لمئات المستوطنين في غلاف غزة قدمت دليلا قاسيا على ذلك، مما زاد من البحث الإسرائيلي في كافة السيناريوهات المحتملة في حال اندلعت مواجهة جديدة قادمة، ربما لا تشمل إمكانية إسقاط حماس، لأنه سيطرح أسئلة مخيفة عمن سيعبئ الفراغ الذي سيحدثه تطور كهذا، رغم أن تل أبيب لن تسمح للحركة بتحديد قواعد المواجهة.
وقد شهدت الساعات الأخيرة اتصالات بعض الوزراء والجنرالات برؤساء بلديات مستوطنات محيط قطاع غزة، لإخبارهم بطبيعة الأحداث الميدانية القادمة، وضرورة تجهزهم لأي تطور مفاجئ، لأن الجبهة الداخلية قد تتلقى ضربات صاروخية من غزة.
وهناك تقديرات تتعلق بأن المستوى السياسي الإسرائيلي قد أعطى أوامره لقيادة الجيش بـ"خلع القفازات"، وإمكانية توسيع رقعة العملية العسكرية ضد غزة، واتخاذ الاستعدادات اللازمة "للذهاب حتى النهاية"، والتهيؤ لخوض معركة لاستهداف حماس وردعها، وحملها على دفع ثمن باهظ.
ينطلق الإسرائيليون من فرضية تشجعهم على الذهاب نحو الخيار غير المرغوب، وهي أن السياق الذي ذهبت بموجبه المواجهة الأخيرة في غزة مع الجيش اقتضى توجيه ضربات شديدة لحماس لإعادة الردع المتآكل، لأن قناعتهم المتأخرة أنه كلما تريثوا أكثر، فسيضطرون للرد بقوة أكبر بكثير.
وهناك من يرى في قرار المواجهة المتوقع تصويبا لمسار خطأ بدأته الحكومة منذ مارس آذار حين بدأت مسيرات العودة، وسمحت باستمرارها طوال الأشهر الأربعة الماضية.
ويمكن الحديث عن "دزينة" من أهداف العدوان الذي تتحضر له (إسرائيل)، لعل أهمها ترميم الردع الإسرائيلي لتحقيق فترة هدوء أخرى حصلت عليه منذ انتهاء عدوان 2014، باعتباره إنجازاً إستراتيجياً مركزياً يكبح الدافع والرغبة في إطلاق النار على المستوطنات الإسرائيلية.
لكن الإسرائيليين لا يخفون خيبة أملهم وتحسرهم على ضياع عنصر المفاجأة في الأيام الأخيرة لمباغتة حماس، مما يعني أنها حركة تتعلم، ونجحت بإملاء توقيت المعركة، بينما هي مختفية جيداً، ومنكشفة أقل من الماضي.