فلسطين أون لاين

​جريمة اغتيال الثقافة في غزة

إنَّ اغتيال مؤسسة سعيد المسحال للثقافة والفنون في غزة، يوم 9-8-2018م وهو الصرح الثقافي الأكثر نشاطا، ليس تدميرا لمبنى حجري، بل هو جريمة مقصودة، هدفها تدمير ما يزرعه هذا الصرحُ في عقول شبابنا، ويُنمِّي فيهم حُبَّ الحياة، ويبذر في عقولهم بذور الأمل والنشاط والعمل.

هذا التدميرُ المنظم للثقافة والفن، بدأ منذ تأسيس إسرائيل، حين عَمِدتْ إلى تزييف التاريخ، وتزييف الآثار الفلسطينية، وسرقة مكتباتنا العامة والخاصة، خلال حرب الترحيل والاستئصال، عام 1948، فلم يكتفِ المحتلون الإسرائيليون بذلك، بل عمدوا إلى وضع الخطط لسرقة تراثنا الفلسطيني، فسرقوا ثوبنا الفلسطيني المُطرز، وانتقلوا إلى سرقة وجباتنا التراثية، كالفلافل، والحمص، والكسكسي، وغيرها.

ولكنهم بعد سبعين عاما من الاحتلال اكتشفوا أنهم لم ينجحوا في تزييف التاريخ والتراث الفلسطيني، أُصيبوا بالذُّعر عندما لاحظوا أن جيل الشباب الفلسطينيين، الذي لم يولد في أرض الآباء والأجداد استعاد تراثه وتاريخه، على الرغم من الفقر، والإغلاق، والقهر.

أشعل المحتلون الضوء الأحمر، فقاموا بعملية التدمير المخطط لها، يوم 14-7-2018م عندما اغتالوا مشروع مبنى، المكتبة الوطنية الفلسطينية، بادعاء أنه مقرٌ للإرهاب، ودمروا مع المبنى مبنى التراث الفلسطيني الرئيس في غزة، قرية الفنون والحرف، وهناك صرحٌ ثالث جرى تدميره، ولم تذكره وسائل الإعلام، وهو المكتبة الرئيسة، التي تحوي أُمّات الكتب في جامعة الأزهر، كان هذا التدمير هو بداية المخطط!!

ليس من قبيل الصدفة أن يجري تدمير هذا التراث الثقافي، في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى ترسيخ الثقافة، وتعزيز الفنون، لغرض صناعة جسور التواصل بين الثقافات في العالم، وإقصاء التطرُّف والإرهاب من عقول الشباب!!

أخيرا:

ما دورُ مؤسساتنا الثقافية والفنية في مواجهة هذا المخطط الاحتلالي؟

يجب أن تتولى المؤسسات الثقافية استراتيجية لمواجهة هذا الإرهاب الثقافي، في كل الميادين:

  • على الجمعيات والاتحادات الثقافية أن تنظِّم فعاليات ثقافية وجماهيرية متعددة للتنديد بهذا الإرهاب الثقافي، بشرط أن يركز الإعلام على تسويق هذه الفعاليات بلغات العالم الأخرى، وفي شبكات التواصل الاجتماعية!
  • التركيز على إبراز الصور والأنشطة التي كانت ترعاها هذه المؤسسات الثقافية والفنية، وإبراز الأنشطة والأعمال الفنية التي كانت تجرى في كنف هذه المؤسسات، بحيث تُطبع في مطويات باللغات الأجنبية، وتوزع في صفحات الإنترنت!
  • توجيه سفاراتنا الفلسطينية إلى جريمة الاحتلال، باعتبارها إرهابا ثقافيا، والطلب منها التواصل مع الجهات الثقافية في بلدان تلك السفارات!
  • مطالبة المؤسسات الثقافية والاتحادات العربية بأن تتولَّى التنديد بهذا الإرهاب الثقافي، وتوصيتها بأن تتولَّى كشف هذا المخطط، ومطالبة الجامعة العربية بإدراج بند، "الإرهاب الاحتلالي الثقافي" على جدول أعمالها.
  • التوجه إلى المنظمة العالمية للثقافة والفنون، اليونسكو، وفلسطين عضوٌ كامل العضوية فيها، ليس للتنديد بإسرائيل فقط، بل لفرض العقوبات عليها، وإلزامها بإعادة إعمار هذه الصروح الثقافية.
  • تعويض هذه الصروح الثقافية بسرعة، وذلك بمواصلة الأنشطة الثقافية وتكثيفها، بالتنسيق مع الجمعيات والاتحادات التي تملك قاعات صالحة للإبداعات الفنية والأدبية!