لا مناص، فمهما صعد العدو الصهيوني من عدوانه ضد غزة، فإنه سيرتطم في النهاية بصخرة المقاومة، ولا مناص إلا برجوع الصهاينة إلى نقطة البداية، كما حذرهم من ذلك إفرايم هليفي رئيس جهاز الموساد السابق، والبداية هي قبول بالأمر الواقع الذي فرضته المقاومة، وهذا يعني القبول بالتهدئة مهما طال زمن شد الحبل، فالخاتمة لهذه البدايات الصاخبة هي تهدئة، ووفق شروط المقاومة، وذلك يرجع لعجز العدو الإسرائيلي عن حسم جبهة غزة كما يتمنى، ومهما طال الزمن، وهذا أولاً، أما ثانياً، فالعدو مهتم بالتفرغ لجبهة الشمال من جهة، ومهتم بالتفرغ للمعركة الرئيسة على أرض فلسطين، وهي معركة الضفة الغربية من جهة أخرى.
وحين أقول معركة الضفة الغربية، فذلك يعني لا خوف على غزة، التي تشتعل أطرافها وقلبها بالنيران، فلن تأخذ الريح من البلاط شيئاً، وكل الخوف على الضفة الغربية التي تغرق حالياً في العسل المر، وتنام حالياً على وسادة الأمن الزائف، وهذا ما يجب أن يتنبه له الفلسطينيون، وهم يحصون عدد الموج على بحر غزة الملتهب، ويتابعون الحدث اليومي، وهم يلهثون خلف أماكن تساقط القذائف، وعدد الإصابات، وعدد الشهداء والجرحى، في الوقت الذي يجب ملاحقة عدد المستوطنات والمستوطنين الذين يغتصبون الأرض هناك ثم هناك، والانتباه لعدد حبات الرمل والصخور التي صارت يهودية تحت سمع وبصر الفلسطينيين.
معركة الضفة الغربية هي أصل الصراع مع العدو الصهيوني، وهي المعركة التي يجب أن تحضر لها المقاومة الفلسطينية كل طاقاتها، وأن تستعد لها بمجرد تحقيق التهدئة على حدود غزة، وهي المعركة التي يخشاها عدو الفلسطينيين، لذلك تراه يحاول تأجيل تهدئة غزة إلى أبعد مدى، خشية انتقال المواجهة إلى أرض الضفة الغربية، لا بتأثير العدوى فقط، وإنما بتأثير الضغط المكتوم الذي يمارسه الصهاينة، والذي يوشك على الانفجار.
الضفة الغربية والقدس صلب القضية الفلسطينية، وهما قلب الصراع مع الصهاينة، وهما محط الأطماع، لذلك فإن مستقبل الشعب الفلسطيني رهينة بمدى الحراك الوطني في الضفة الغربية، ومعلق بالمستوى الذي ستصل إليه المقاومة، فهي العنوان الصحيح للشعب الفلسطيني، والمقاومة هي كلمة السر التي ستشق الطريق لمستقبل الشعب الفلسطيني، وهي التي ستزعزع أمن المحتلين، والمقاومة هي الفعل الذي سيهز أركان الوجود اليهودي نفسه على أرض فلسطين.