فلسطين أون لاين

​استعراض المواقف الإسرائيلية من التهدئة

من المتوقع أن يلتئم في الساعات القادمة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشئون الأمنية والسياسية لبحث آخر تطورات مباحثات التهدئة مع حماس، في ظل العروض القادمة من وسطاء إقليميين ودوليين، وسط زيادة مستوى التشاؤم الإسرائيلي من إمكانية إبرامها في ظل تباعد المواقف مع حماس.

غير مرة تحدثت هذه السطور عن المدرسة التفاوضية الإسرائيلية القائمة على جملة أسس بينها، تخفيض سقف الفلسطينيين في مطالبهم إلى حدها الأدنى، وتقزيمها فيما لو تحققت، أما اليوم فيبدو أن الموقف الإسرائيلي ينحو باتجاه عدم إنجاز التهدئة من الأساس، مقابل إبقاء الوضع القائم كما هو في غزة، مع بعض التحسينات والتسهيلات الشكلية.

بعيدًا عن التكتيك التفاوضي الذي ينتهجه رئيس الحكومة ومعه وزير الحرب ورئيس هيئة الأركان، لكن من الناحية الفعلية لا يبدو أن المجلس الوزاري الإسرائيلي مجمع على هذه التهدئة، سواء لحسابات يعتبرها بعض الوزراء منطقية، من باب مدى الحاجة لمنح حماس إنجازات تفاخر بها أمام الفلسطينيين، لما سيشكله ذلك من جائزة للحركة، قد تعني ضمنياً نجاحًا لبرنامجها السياسي وأدائها العسكري الذي راهنت إسرائيل وبعض حلفائها على إظهار فشله أمام الرأي العام الفلسطيني.

يضيف أصحاب هذا الرأي من الوزراء الإسرائيليين، وربما يتبنى هذا الموقف نتنياهو ذاته: في الوقت الذي كانت تتعرض فيه تل أبيب ومدن أخرى لقصف صواريخ حماس خلال حرب 2014، لم تلبِ إسرائيل مطالب الحركة الخاصة بالميناء والمطار ورفع الحصار الكلي عن غزة، ما الذي سيجعلها اليوم، وهي لا تتعرض لهذا التهديد، أن تقدم هذه التنازلات لحماس؟

فريق آخر يبدي تشكيكًا بصمود هذه التهدئة فيما لو تم التوصل إليها، على اعتبار تباعد المواقف السياسية بين حماس وإسرائيل، وعدم دخولهما في حوار سياسي أو اتفاق تصالحي كمنظمة التحرير، مما يجعل صاعق التفجير جاهزًا في أي لحظة، وعند أي محطة، لاسيما وأن اتفاق التهدئة الموعود لا يشمل نزع سلاح غزة، أو إعادة الأسرى الإسرائيليين، أو منع حماس من زيادة قدراتها العسكرية.

تيار إسرائيلي ثالث يتحين الفرصة المواتية لإبرام التهدئة مع حماس لجعلها مادة للدعاية الانتخابية المضادة لنتنياهو، بإظهاره خاضعا لحماس، وملبياً لشروطها، مما يجعل الأخير يوجه عينه اليمنى نحو غزة، واليسرى نحو صندوق الاقتراع في الانتخابات القادمة، في ظل إمكانية تتعزز يوما بعد يوم أنه سيكون المرشح الرئيسي لحزب الليكود.

ما تقدم من استعراض لمواقف قد تعرض في الساعات القادمة من اجتماع الكابينت الإسرائيلي، تبدو في جلها معارضة لاتفاق التهدئة مع حماس، لا يعني أننا قد لا نكون أمام استدارة اضطرارية تجعل من هذه التهدئة أمرًا واقعًا، وإن كانت فرصة ضئيلة وغير مشجعة.