على غير المتوقع، لم يخرج المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشئون الأمنية والسياسية، بقرارات واضحة تجاه مباحثات التهدئة الجارية مع حماس في غزة، رغم ما سبقه من تقديرات وتوقعات.
اللافت أن وزراء وازنين في "الكابينيت" الإسرائيلي صرحوا قبيل ساعات قليلة من اجتماعهم خلف أبواب مغلقة، أنهم متجهون نحو إقرار التهدئة، ولو بشروطها الدنيا، ولفترة زمنية محدودة مع حماس.
العديد مما قيل حول اجتماع الكابينيت الذي استمر خمس ساعات، ورغم المعلومات المتوفرة لدينا مما تجود به الصحافة الإسرائيلية، بين تسريب قيل إنه تركز حول تقرير قدمه رئيس هيئة أركان الجيش، وآخر ذكر أن نقاشات ساهم بها الوزراء حول مواقفهم المتباينة من تطورات غزة، وثالث أكد أنه لم يجرِ تصويت بين الوزراء حول الموافقة على التهدئة أو معارضتها، ورابع لفت الأنظار لوجود توافق بين رئيس الحكومة ووزير حربه على عدم المضي قدما في هذه التهدئة.
بات ملاحظا جدا أن هناك سيولة إعلامية ومعلوماتية حول مجريات النقاش الإسرائيلي حول التهدئة المتوقعة مع حماس، مصادرها صحفيون وكتاب قريبون من دوائر صنع القرار، دون أن يتحدث وزير بعينه حول ما حصل داخل الاجتماع المذكور، ولذلك انفض المجلس دون إعلان بيان رسمي في ختامه.
يصعب القول إن أجواء الكابينيت لم تكن واضحة باتجاه إبرام التهدئة أم لا، في ظل ما سبق الاجتماع، وتزامن معه، وما أعقبه، من حراك إقليمي ودولي، رغم مزاودات الوزراء، لا سيما من حزبي البيت اليهودي وإسرائيل بيتنا، المعنيين بالظهور متشددين إزاء غزة، تحضيرا لحصاد مزيد من المقاعد البرلمانية في الانتخابات القادمة على حساب حزب الليكود.
قد يكون التكتم الذي يجري حول مجريات اجتماع الكابينيت جزءا من إدارة تفاوضية، للضغط على حماس، التي تجري مباحثات مكثفة بأروقتها القيادية، وعينها على تل أبيب حيث يعقد الاجتماع المذكور.
وربما أن هناك غير توافق جدي بين مكونات الكابينيت للمضي في التهدئة مع حماس حتى نهايتها، ورغبة نتنياهو بعدم الظهور كمن يتراجع أمام مطالبها.
ولعل الكابينيت قرر الاستمرار في المباحثات غير المباشرة مع حماس دون الإعلان رسميا عن ذلك، للحفاظ على سير هادئ لها بعيدا عن الصخب الإعلامي.
إلى أن يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود مما حصل من اجتماع الكابينيت المشار إليه، وحتى يخرج منه الدخان الأبيض، يمكن القول إن (إسرائيل) قد تفضل إبقاء الوضع في غزة على ما هو عليه، أخذا بتوصية الجيش والمخابرات، دون الاضطرار لتلبية مطالب حماس من جهة، أو التصعيد العسكري معها من جهة أخرى، رغم أن هذا الخيار قد لا يكون مقبولا من حماس ذاتها، وهنا قد نذهب لخيارات أخرى.