فلسطين أون لاين

​توافق اليوم ذكرى استشهاده الثامنة

الشهيد سعيد صيام.. بعقليته الفذَّة قاد مرحلة صعبة

...
صورة أرشيفية للشهيد سعيد صيام
غزة - ربيع أبو نقيرة

يعيش الفلسطينيون، اليوم الأحد، الذكرى الثامنة لاستشهاد رجل ذي عقلية فذة، منحته الأمن والأمان الذي يسوده قطاع غزة منذ أحداث عام 2007، والتي عرفت بأحداث الانقسام الفلسطيني، حين انقلبت الأجهزة الأمنية على شرعية الشعب والتي كانت نتاجًا لانتخابات حرة نزيهة عام 2006.

هي ذكرى رحيل الشيخ الشهيد سعيد صيام، الذي تولى منصب وزير الداخلية في الحكومة العاشرة، واستطاع بناء أجهزة أمنية بعقيدة وطنية حمت ظهر المقاومة وحفظت الجبهة الداخلية.

محطات

الشهيد صيام ولد بتاريخ 22/7/1959م، بمعسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، وتعود أصوله لقرية الجورة قضاء عسقلان المحتلة، كان متزوجًا وله ستة أبناء؛ ولدان وأربع بنات.

عمل معلمًا في مدارس وكالة الغوث حتى اضطر إلى ترك العمل فيها بسبب مضايقات من إدارتها على خلفية انتمائه السياسي، كما شغل عضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية في غزة، وكان من مؤسسي أكاديمية فلسطين للعلوم الأمنية بغزة وأول رئيس لمجلس أمنائها، وعضو الهيئة التأسيسية لمركز أبحاث المستقبل.

وعمل خطيبًا وإمامًا متطوعًا في مسجد اليرموك بمدينة غزة، وواعظًا وخطيبًا في العديد من مساجد القطاع، كما كان له دور بارز في حل النزاعات والشجارات بين الناس كرجل إصلاح.

وأبعد الاحتلال الشهيد صيام إلى مرج الزهور جنوب لبنان مع عدد من قيادات الحركة الإسلامية عام 1990، بفعل نشاطه الدعوي والإسلامي.

واعتقل الشيخ صيام أربع مرات خلال الأعوام لدى الاحتلال 1989-1990-1991-1992، كما اعتقل لدى أجهزة السلطة في غزة عام 1995 على خلفية الانتماء السياسي، وتعرض لتعذيب شديد.

وشغل في حياته العديد من المناصب، وكان آخرها تكليفه كأول وزير داخلية في الحكومة العاشرة ليجد نفسه في تحدٍّ مع أجهزة أمنية تمارس الفلتان، كانت تابعة للسلطة آنذاك ويقودها محمد دحلان قبيل خلافاته مع الرئيس محمود عباس.

قائد على خلق

"آنذاك كنت وزيرًا للزراعة في الحكومة العاشرة في حين برع الشيخ سعيد صيام في تقلده لمنصب وزير الداخلية، بعقليته الفذة وحكمته وتواضعه وقرارته الحازمة"، الحديث هنا للدكتور محمد رمضان الأغا.

وأوضح الأغا في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن الشهيد صيام -رحمه الله- حرص أشد الحرص على تأمين مكتب وزير الزراعة بعد الاعتداء عليه وحرقه قرب دوار "أبو مازن" بمدينة غزة، والانفلات الأمني في أشده آنذاك.

وقال: "كان متعاونًا جيدًا معنا على صعيد وزارة الزراعة، وتمكن من بسط الأمن على منطقة المحررات والتي كان يحرسها عناصر أمنية كانت تحاول التغول والسرقة والتحرش بالمواطنين"، مشيرًا إلى أن المحررات أنتجت سلة غذائية جيدة للقطاع وما زالت آثارها قائمة حتى الآن.

وأوضح أن الشهيد صيام تميز بمواعيده الدقيقة وتواضعه وحب الناس له وظهر ذلك جليًا من خلال نتائج الانتخابات التشريعية وحصوله على أعلى الأصوات في فلسطين، كما كانت مواعيده دقيقة جدًا، وكان الهم الأكبر له هو خدمة أبناء شعبه على الصعد كافة.

ولفت الأغا إلى أنه كان "قائدًا على خلق"، دمثًا ذا خلق عالٍ وعقلية فذة مكنته من تخطي الصدمة الأولى في معركة الفرقان، ورفع الروح المعنوية لشعبنا من خلال استمرار تقديم الخدمات الشرطية والأمنية في ظل الحرب وتأمين الرواتب للموظفين ومواجهة العدوان.

حليم حازم

أما الدكتور محمد المدهون والذي عايش الشهيد صيام، وكان آنذاك رئيسًا لديوان الموظفين، استعرض صفتين على المستوى القيادي تميز بهما صيام وهما الحلم والحزم، قائلًا: "كان رجلًا حليمًا إلى أبعد حد، كما أنه في ذات الوقت حازمًا، وكان حين يتخذ القرار من المستحيل أن يتراجع عنه كونه درس الأمور بشكل مستفيض وعلمي.

ولفت في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن شبكة العلاقات الواسعة التي كان يتميز بها، أهلته لقيادة مرحلة حساسة كانت من أصعب المراحل، وكان يحاول جعلها مجتمعية بعيدة عن الحزبية، فكان منفتحًا على العائلات والوجهاء والمخاتير والمؤسسات، لذلك كان هذا الأمر مريحًا له نحو تهيئته للرأي العام.

كما تميز بتقديم الحس الوطني بشكل كبير، الأمر الذي جعل لرأيه قبولا وحضورا، وتأثيرا على المجتمع، والحديث للمدهون، موضحًا أن دماثة الخلق والعلاقة الجيدة مع العاملين لديه والتواضع والانفتاح، هي أمور كانت مهمة في شخصية وزير وعضو مكتب سياسي سابق في حماس.

ولفت إلى أنه كان يتقبل الأفكار الجريئة وذا قدرة على تطبيقها بحكمة عالية، كما أنه كان ذا قدرة على مواجهة الخصوم بالإقناع والحجة بعيدًا عن التعنت، قائلًا: "مدرسة الإبعاد والسجن والموقع التنظيمي ومؤهلاته الكبيرة، جميعها أثرت شخصيته".

طريق العطاء

بدوره، قال اللواء أبو عبيدة الجراح الذي كان مستشارًا عسكريًا لوزير الداخلية سعيد صيام: "الشهيد صيام رسم لنا طريق العطاء والبذل والشهادة وخدمة أبناء شعبنا لنسير عليها"، مشيرًا إلى أن تعليماته كانت الحفاظ على أبناء شعبنا وخدمتهم.

ولفت في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن صيام عمل على حفظ الأمن لشعبنا من أيدي العابثين، ومنع انتشار الفساد، كما عمل على حفظ جبهة المجاهدين، قائلًا: "لن تفي الكلمات بحق الشيخ سعيد صيام".

وتابع الجراح: "الشهيد صيام رجل عظيم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى"، موضحًا أنه قاد مرحلة صعبة بأفقه الواسع وسعة صدره ونظرته المستقبلية، ولم يسمح باستمرار العبث في غزة.

وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية كانت في فترة من الفترات غير متعاونة، وتظهر غير ما تبطن، ولم يكن هناك مجال إلا صد الانفلات وحفظ الأمن، منوهًا إلى أن تأسيسه للقوة التنفيذية كان لمساندة ومساعدة الأجهزة الأمنية وليس مجابهتها ومكافحتها.

ولفت الجراح إلى أن الشهيد صيام، كان له دور بارز في القضاء على المربعات الأمنية والانفلات وأماكن سرقة السيارات وأوكار المخدرات، مشيرًا إلى أن صيام كانت له بصمات في كل النواحي الاجتماعية والدعوية وليست الأمنية فحسب.