في الوقت الذي تتنوع به أشكال اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي التي تطال قرية عصيرة القبلية جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، ما بين حرق منازل المواطنين وإتلاف محاصيلهم الزراعية وفرض القيود على حركة الدخول والخروج، إلا أن جميعها تتفق على قاسم مشترك واحد يتمثل بسعي وراء سرقة المزيد من أراضي القرية لصالح المستوطنات.
وبشكل دوري تشهد قرية عصيرة القبلية انتهاكات همجية تنفذها مجموعات المستوطنين، التي تتسلل إلى القرية من مستوطنة "يتسهار" القريبة، فيندلع على إثر ذلك مواجهات تتدخل عقبها قوات الاحتلال لمصلحة المستوطنين ضد المواطنين العزل، وتشرع بإطلاق الأعيرة النارية والمطاطية وقنابل الغاز.
ويبلغ عدد سكان القرية قرابة ثلاثة آلاف نسمة، وتبعد عن مركز مدينة نابلس 13 كيلومتر جنوباً، في حين تبلغ مساحتها نحو 12 ألف دونم قبل أن يصادر الاحتلال نحو خمسة دونمات منها لصالح المستوطنات المحيطة بها.
رئيس مجلس قروي عصيرة القبلية، حافظ صالح، أكد أن القرية تخوض معركة وجود ضد الاحتلال والكتل الاستيطانية التي تحيط بها من جميع الجهات وتحاصر حركة الدخول والخروج، مبيناً أن القرية تعيش على صفيح ساخن محصور بمستوطنات "براخا، وإيتمار، ويستهار".
وقال صالح في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إنه لا يكاد يمر يومان أو ثلاثة دون أن تشهد عصيرة القبلية هجوماً واسعاً من المستوطنين، الذين يشرعون بالاعتداء على المنازل وسرقة المحاصيل الزراعية أو إتلافها وحرق ممتلكات المواطنين في ساعات متأخرة من الليل وتكسير سياراتهم، فضلاً عن منع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم.
وأضاف أن الاحتلال يضيق على الأهالي في مختلف شؤون حياتهم، بهدف إجبارهم على مغادرة منازلهم وترك أراضيهم أمام المشاريع الاستيطانية التي تلتهم أرضي القرية سريعاً، موضحاً أن الاعتداءات التي تعاني منها قرية عصيرة القبلية تتشابه تفاصيلها مع حال جميع قرى جنوب نابلس.
وأشار إلى أن الجرائم التي طالت القرية في الآونة الأخيرة أدت إلى إحراق أكثر من عشرة دونمات من أشجار الزيتون في الجهة الشرقية، بالإضافة إلى تكسير مركبات المواطنين وكتابة شعارات عنصرية على واجهات المنازل، مبيناً أن أهالي القرية ينظمون لجان حراسة تتناوب باستمرار لحماية القرية والتخفيف من المخاطر قدر الإمكان.
بدوره، ذكر أحد نشطاء القرية سامي سامي، أن الخوف يسيطر على أهالي القرية خشية من تكرار سيناريو جريمة حرق عائلة سعد دوابشة في قرية دوما جنوب نابلس، على يد مجموعة من المستوطنين في نهاية يوليو/ تموز 2015، في ظل تشابه ظروف عصيرة القبلية حالياً مع حال القرية قبل سنوات.
وأوضح سامي لصحيفة "فلسطين"، أن مستوطنة يتسهار المقامة على جزء من أراضي القرية منذ عام 1983، تعد المتسبب الأساس لمعاناة المواطنين على مدار الساعة، حيث أقيمت المستوطنة على مركز جبل سلمان الفارسي، الذي يقع على أراضي خمس قرى جنوب نابلس وهي "عصيرة القبلية، مادما، حوارة، عوريف، وبورين".
وبين أن القرية تعاني من تدهور حاد في الخدمات الأساسية، إذ تحتاج لتحديث شبكة توزيع الكهرباء وبناء شبكة جديدة لتوزيع المياه، بجانب تفاقم أزمة المياه طوال العام التي تصل لمنازل المواطنين بمعدل مرة كل ستة أيام.

