فلسطين أون لاين

​في الحج.. لا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ

...
غزة - نسمة حمتو

الحجُّ ككل العبادات والطاعات بحاجة إلى العلم والفهم، فالجهل بأركانه وواجباته ومحظوراته يجعل المرء على شفا هاوية، ربما لا تقبل منه تلك الفريضة التي كلفته المال والمخاطرة بالأمن، وأول تلك الأركان في هذه الفريضة العظيمة، الإحرام، الذي هو قاسم مشترك مع العمرة، إلى جانب الطواف والسعي بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير.

نية الإحرام

يقول الداعية مصطفى أبو توهة: "إن الإحرام يبدأ من الميقات الذي تعارفه أهل الشام باسم "الجحفة"، وقد يكون من ميقات أهل المدنية، إن كانوا قد زاروا المدينة أولًا، وهو "أبيار علي"، حيث يلبس من نوى الحج أو العمرة الرداء والإزار، وليس شيء فوقه أو تحته، وهذا خاص بالرجال، أما المرأة فلها أن تلبس ما تشاء ما عدا القفازين والنقاب، ويسن للمحرم الاغتسال أو الوضوء ثم صلاة ركعتين".

وأضاف أبو توهة لصحيفة فلسطين": "إذا نوى المحرم نية الحج أو العمرة فعندها يدخل في دائرة المحظورات فلا تطيب ولا رفث ولا فسوق ولا جدال، بل هي التلبية المعروفة: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، وهي تصاحب الحاج حتى رمي جمرات العقبة الكبرى".

وتابع قوله: "أما المعتمر فتنتهي تلبيته عند رؤية البيت الحرام، ليبدأ المعتمر بصلاة ركعتين حين وصوله إلى مكة المكرمة، ثم يشد الرحال إلى البيت العتيق للطواف فيه، وهو طواف القدوم (سبعة أشواط)، ومن بعده يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام) ثم يخف بعد ذلك للسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط بأذكار معروفة حوتها كتيبات ومنشورات جميل أن يصطحبها الحاج والمعتمر في حقيبة سفره، فإذا انتهى من السعي وكان معتمرًا فقط تلبس بركنٍ رابع من أركان العمرة، ألا وهو التقصير أو الحلق".

يوم التروية

وذكر أبو توهة أنه "إذا كان هذا المعتمر ناويًا حج تمتع فإنه يتحلل حتى اليوم الثامن المسمى يوم التروية، وإذا كان مفردًا فإنه لا يحلق ولا يقصر، بل يظل محرمًا حتى دخوله في فريضة الحج في وقتها، وإذا كان قارنًا فلا يتحلل كذلك".

وأوضح أنه "إذا جاء يوم الثامن من ذي الحجة يسن للناس الذهاب إلى منى من قبيل الاستعداد والتهيؤ ليوم التاسع، وهو يوم عرفة، إذ يخرج الناس من منى بعد الفجر وصولًا إلى أرض عرفات، فإذا كان وقت الزوال صلى الناس صلاة العصر والظهر جمع تقديم ليبدأ وقت الوقوف بعرفة بعد الزوال، وهو أعظم يومٍ مر على المسلم، إذ تُحط الذنوب وترفع الدرجات ويباهي الله أهل السماء بهذا الجمع الغفير من التائبين والمنيبين والبادئين عهدًا جديدًا، ومارُئي الشيطان في يومٍ هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة إلا ما رئي في يوم بدر".

وأضاف: "إذ رأى الملائكة تقاتل مع المسلمين، وهو يوم الدعاء، قال (عليه الصلاة والسلام): "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)".

تقوية الأبدان

وتابع أبو توهة: "ولا شك أن هذا ثناء، ولكن الثناء يحمل في طياته وتضاعيفه الطلب والاستجداء، وسنة الواقفين في عرفات هي الإفطار تقويةً لأبدانهم على الجهد والتعب، أما في حق غيرهم فهي الصيام الذي سئل عنه النبي (عليه الصلاة والسلام)، فقال: "أحتسب على الله أن يكفر سنة ماضيةً وسنةً باقية"، ويظل الحجيج على أرض عرفات حتى غروب الشمس، فإذا غربت سُن لهم تأخير المغرب مع العشاء في أرض "مزدلفة" التي يبيت فيها الحجاج من غير صلاة ولا قيام إلا الجمع بين المغرب والعشاء".

وأشار إلى أنه إذا أصبح الناس بعد أن جمعوا الحصى ميممين تلقاء منى وهم لا يزالون على حالهم من التلبية وذكر الله (عز وجل)؛ فإذا ما وصلوا هنالك رموا سبع حصيات في العقبة الكبرى، ثم حلقوا شعورهم أو قصروا منها، ليظل بعد ذلك منسك الهَدي لمن نوى حج تمتع.

طواف الإفاضة

وذكر أبو توهة أنه بهذا يكون قد تحلل من لباس الإحرام ليذهب هناك إلى الكعبة المشرفة ليؤدي طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج، ليعود بعد ذلك للمبيت في منى ثلاثة أيام أو يومين لمن أراد أن يتعجل أو يتأخر، وينتهي الحج بعبادة "طواف الوداع" لكل قادر مستطيع من الرجال والنساء.

وقال: وبتلك الأركان والواجبات والمندوبات مصحوبة بتلك المشاعر والفهم العميق لمرامي ومقاصد الحج يكون الحاج والمعتمر قد خلق خلقًا جديدًا حيق به أن تغفر ذنوبه وأن يولد مرة أخرى، كما قال (عليه الصلاة والسلام): "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".