فلسطين أون لاين

​من دون محاضرات ولا أصوات عالية

التعامل مع المراهق.. حُبّ وتقرّب ومشاركة

...
غزة / القاهرة - حنان مطير

البعض من الناس يصف ما يسمى بمرحلة المراهقة بأنها "كلام فارغ" ، وأنّ لا شيء يسمى مراهقة، ودليلهم على ذلك بأن أسامة بن زيد قاد جيوش المسلمين في عمر 17 عامًا.

في حين أن المدربة والمرشدة التربوية أ. دعاء صفوت توضح أن اختيار أسامة كان وفق الحاجة، إذ تم اختياره لأنهم يبحثون عن الحماس والدافعية وفورة المراهقة وليس عن النضح والحكمة من كبار الصحابة المقاتلين.

وتختصر أ. صفوت الحديث عن المراهقة بقولها إنها "مرحلة وحتعدّي"، وأن دور الآباء تفهّم المراهق وتفهيم المراهق لنفسِه، فلا صراخ ولا عصبية ولا تشنّج طالما كانت المرحلة بكل عواصفها ستنتهي؟

وتوضح أ. صفوت أن المراهقة عند الإناث تكون أبكر بقليل من الذكور، فعند الإناث تبدأ من سن 11 وحتى 15، وعند الشكور من سن 13، أما الفترة السابقة لهذا العمر فهي مرحلة الطفولة المتأخرة وفيها قليل من مواصفات المراهقة من دون حدّة في المشاعر، وكثير من الطفولة.

متى يُقفِل عقلَه؟

وفي حال أخطأ المراهق تنبّه أ. صفوت أنّ هناك أمرين لا يسمعهما المراهق في تلك المرحلة نهائيًا وهما "الصوت المرتفع" و "المحاضرات"، فبمجرد أن يرى هذين الأمرين يُقفِل عقلَه تمامًا، ناهيك عن أن الصراخ و"الدوشة" تُربكه وتجعل جسمه يفرز هرمون الخوف والقلق.

وتعلق:" قد يسمع دقيقتين من الحديث والتوجيه، ثم يبدأ بالنظر للسقف أو الأرض والهزّ بالرأس وكأنه موافق على ما يقول الأب أو الأم، في حين أنه لا يسمع شيئًا ولا يفكر بشيءٍ مما يقولان".

وتنوّه إلى أن الكثير من الآباء غير متزنين في التعامل مع أبنائهم، فإن ردّ المراهق هبّوا بوجهه مستغربين أنه يرد، وإن لم يردّ اعتبروا ذلك تهميشًا.

أما الحلّ في خطأ المراهق فهو تنبيهه مباشرةً بأن ما فعله خطأ، وأن الصواب كذا وكذا، فهذا فقط ما يثبت في عقل المراهق، والرسول عليه الصلاة والسلام حين رأى الغلام يأكل بطريقة غير صحيحة ولا لائقة لم ينهره أو يعاتبه أو يوبخه أو يهِنه إنما قال له:" يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك"، وكلمة "غلام" أي أنه يزيد على التسع سنوات وفق أ. صفوت.

وتصف المراهقة بأنها مرحلة وسطى ما بين الرشد والطفولة، فلا يكون فيها راشدًا تمامًا وعاقلًا وحكيمًا، لكنه يحاول الوصول لهذه الصفات، ويتصرف في نفس الوقت بتصرفات الطفولة فيكون متمسكًا بالعناد والتشبث بالرأي وشغف اللعب.

وهنا حين نرى الفتاة قد بانَت عليها بعض علامات الأنوثة وقد رأيناها تلعب وتتصرف بطفولة لا يجب علينا التعامل معها على أنها كبيرة وأنها لا بد وأن تتصرف كالصبايا أو الآنسات أو ندعوها لذلك، وكذلك الفتى لو رأيناه بدأ ينفعل ويردّ علينا فلا يجب أن نتعامل معه وكأنه بات كبيرًا ولا كأنه صغيرٌ ، فتارةً نطلب منه أن ينتبه لإخوته – مثلًا- ويكون مسئولًا عنهم، وإن علا بصوتِه وتذمّر أو رفض أوقفناه عند حدّه كأنه صغير، فهذا لا يجوز كما توضح المرشدة التربوية في حديثها لفلسطين.

كيف التعامل معه؟

إذًا كيف نتعامل معهم؟ ترد: نتعامل معهم على أنَهم كبارٌ ولكن نلتمس لهم عذرًا دومًا بتصرفهم تصرف الصغار.

وتوضح:" لو كان المراهق يلعب لعبةً أو يشاهد رسومًا متحركة وأذّن المؤذن للصلاة وكان مشدودًا ولا يريد أن يترك ما بين يديه، فلا يجب التعامل معه على أنه كبير ويرفض الصلاة، بل بطريقة وسطية فأعطيه مهلةً مدتها عشر دقائق مثلًا كي يقوم للصلاة ".

ولا يجوز إهانة أو ضرب المراهق، مهما وصلت العصبية بالآباء ، ففي يوم ما سيكبر المراهق ولن يتمكّن من السيطرة على نفسه وحينها سيضطر للردّ، وأسوأ الردود أن يعتزل أهلَه.

ومن أكثر ما يزعج المراهق أن يظل الآباء ينعتونه بأنه كبير، وأنه يجب عليه أن يتصرف كالكبار، وحين يقوم بفعلٍ جميل وصحيح لا يتم شكره ولا يشعر به الآباء.

أما الضرب فممنوع بل يجب أن يضع الآباء برفقة أبنائهم قواعد للبيت أولها منع الآباء من ضرب الأبناء أو إهانة كرامتهم، فالتربية بالقدوة لا بالقوة سواء مع المراهق أو غير المراهق، والحديث لصفوت.

وتؤكّد أن المراهق يحتاج إلى شخصٍ يسمعه في هذه المرحلة، وفي ظل الانشغال للآباء سواء داخل البيت أو خارجه تنصح بأن يخصص الآباء جلسةً عائلية مدتها ساعة بلا أي منغصات ولا هواتف نقالة ولا أي مؤثرات خارجية تجمعهم ويتحدثون فيها ويكونون شديدي الاستماع لأبنائهم من دون أي توجيه أو نقد أو معاتبات.

لم يفت الأوان

بعض الآباء يظنون أن الأوان قد فات لذلك الأسلوب من التربية، فأبناؤهم لا يصغون إليهم أبدًا وكل الطرق قد فشلت في التعامل معهم، وهنا توضح أ. صفوت أن الأوان لم يفت أبدًا لكنهم بحاجة للدخول لحياة أبنائهم بسلاسة، وبحاجة لبعض الإدارة والهدوء والصبر، وبهذا الخصوص تقدّم لهؤلاء بعض النصائح مؤكدةً أنها فعّالة إن استمر الآباء بها ولم ييأسوا وهي كالتالي:

1- اجلسا معهم ساعةً بلا إلكترونيات.

2- تحاورا بلا انتقاد ولا توجيه.

3- أشركاهم بقصص تخصّكم وإن صدّوكم لا تيأسا واصبرا.

4- تقربا من أصدقائهم بلا مبالغة وبعد مغادرتهم احذرا من المقارنة أو الانتقاد.

فالنبتة مهما توفّرت لها التربة والماء والشمس والهواء، فإنها لن تنبت بسرعة بل ستمكث فترة تحت الأرض ثم تنمو في وقتٍ لاحق.

كما أن المراهق أسرع في المغفرة والرجوع عن الخطأ من الراشد لأن قلبه لا يزال يحمل براءة الطفولة.

وتؤكد الأبحاث وفق أ. صفوت أن النمو العصبي للمخّ لا يكتمل بشكل نهائي إلا بعد أول خمس سنوات من العشرينات، أي في عمر 25 فمن الطبيعي أن نجدهم متهورين ويردّون ويعلّقون قبل أن يفكروا بعمق، وهذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في التعامل مع أبنائنا.

وتنبه إلى أن التعامل بحب لا بد وأن يزيد في الفترة التي يكون فيها المراهق مخطئًا، وليس العكس، فإنه سيتراجع شيئًا فشيئًا عن فعلِه وتصرفه الخطأ، فإن تم التعامل معه بعنفٍ حين يُخطئ أو تمت مقاطعته فإنه قد يتيه في الشوارع ويستغله حينها أصحاب السوء.

وبذلك تؤكّد أ. صفوت أن الصبر والجهاد في التربية أمران لا مفرّ منهما إن أردنا تربيةً سويةً كريمةً سليمةً وصحية لأبنائنا.