لا تزال حركة فتح تنتهج سياسة "المراوغة" في تعاطيها مع المصالحة الفلسطينية مع حركة حماس، كان آخرها تشكيك مسؤول ملف المصالحة في فتح عزام الأحمد بتفاصيل الجدول الزمني الذي توافقت به حماس عليها في مباحثاتها الأخيرة مع المخابرات المصرية راعية الجولات، وهو الأمر الذي يراه مراقبون محاولات لكسب الوقت ورفضاً صريحاً للبنود الإجرائية التي وردت في المقترح.
وكان عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق، تحدث بتفاصيل المقترح المصري الجديد، الذي وافقت عليه الحركة، والذي ينص على عودة وزراء حكومة الحمد الله لغزة والتزامهم بالبنية الحالية وبدء مشاورات تشكيل حكومة وحدة، وبنود أخرى، زعم الأحمد أنه لا أساس لها من الصحة، فيما ناقض نفسه بالقول إن فتح ستسلم الرد النهائي خلال اليومين المقبلين.
السفير الفلسطيني السابق عدلي صادق، قال إن المعلومات تفيد برفض رئيس السلطة محمود عباس للبنود الإجرائية التي وردت في الصيغة المنشورة للمقترحات المصرية، وينظر إليها باعتبارها زائدة وتترتب عليها التزامات مالية.
وبيّن صادق، وهو عضو المجلس الثوري لحركة فتح سابقاً، في مقال له بعنوان "أرجوحة المصالحة"، أن عباس رأى في البنود عملاً فعلياً لاستعادة غزة، بينما هو لا يرغب بذلك، ولا استعادة النظام الوطني مؤسساته الدستورية، تحاشياً للسؤال عن الواجبات والالتزامات ومصير ثروة الغاز وحصول ممثلي الشعب على زمام المبادرة في مسألة الحقوق والواجبات وسلوك الحكم وضبط توجهاته العامة والتفصيلية.
وأضاف أن "الطرفين في الواقع متفقان على بنود وثيقة مايو 2011 والتسوية، والتهدئة، وعلى نظام يستند إلى فكرة العملية السلمية، ولا شيء جوهري يختلفان عليه".
وأوضح أن "ما يختلف عليه الطرفان، هو الاستحواذ على السلطة (...) ولم تكن هناك إشارات عملية على أن السلطة في رام الله تريد غزة أصلاً".
كسب الوقت
الكاتب السياسي ذو الفقار سويرجو، رأى أن فتح تريد كسب الوقت والمراوغة وعدم القبول بدفع استحقاقات المصالحة بالمفهوم الوطني، مشيراً إلى أن "فتح" تريد مصالحة وفق مقاسها وأجندتها الخاصة، سيّما أنها لا تعير اهتماماً للمصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني.
وقال سويرجو لـ"فلسطين": "قيادة فتح تعتقد أن الذهاب للمصالحة، سيعطي كل الأطراف الفلسطينية الحق في المشاركة والشراكة في المرحلة القادمة، وهو ما لا ينطبق مع مصالحهم ".
وأضاف: "من الواضح أن فتح والرئيس عباس ليسا جاهزين حتى اللحظة لاستحقاقات المصالحة، فيما لا زالت هناك محاولة للتهرب وعدم الجلوس على الطاولة، لإنهاء كل الملفات وفق المفاهيم الوطنية".
وأكد أن إضاعة الوقت لا تصب إلا في مصلحة الاحتلال، داعياً عباس إلى الذهاب نحو طاولة مستديرة يجلس عليها الكل الوطني، لإنهاء هذه الحالة للأبد، "وغير ذلك سنكون نحن المساعدين للولايات المتحدة في تمرير صفقة القرن"، وفق تقديره.
وناشد سويرجو، الأشقاء المصريين، للضغط على عباس من أجل الانضباط وتطبيق تفاهمات المصالحة، مستدركاً: "إذا ما نجحت مصر في إحداث الضغط، أعتقد أن الأمور ستراوح مكانها، وسندفع الثمن لسنوات طويلة".
أربكت الحسابات
فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أن ورقة التفاهمات المصرية التي سُربت عبر وسائل الإعلام، أربكت حسابات القيادة في رام الله.
وقال الدجني لصحيفة "فلسطين"، السلطة تريد الاستمرار في عقوبات غزة، وتطبيق مبدأ تمكين الحكومة، وإعادة السيطرة على القطاع دون استحقاقات، ومن ثم البحث في ملفات المصالحة.
وبيّن أن الورقة الأخيرة تجاوزت إلى ما سبق، "لذلك من الواضح أن الأحمد بدأ من خلال هذه التصريحات بإرباك المشهد ومحاولة العودة للنقطة الأولى وهي السجال الإعلامي"، وفق تقديره.
ويعتقد الدجني أن المطلوب من حماس عدم التعاطي مع هذه التصريحات وتترك مصر تتصرف مع هكذا موقف.
ولفت إلى أن الاستمرار في هذه التصريحات سيؤثر سلباً على مجريات المصالحة، معتبراً أن الأفضل هو الانتظار لما سيُقدم رسمياً للقاهرة.