فلسطين أون لاين

تداعيات نقل السفارة بين التهديد والإجراء

من التداعيات المؤلمة على الساحة الفلسطينية في انتخاب (دونالد ترامب) رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، عزمه كما ذكر في الدعاية الانتخابية على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس؟! وهو إجراء امتنعت عنه الإدارات الأمريكية السابقة على مستوى الديمقراطيين، والجمهوريين على السواء خشية تداعياته وتفجيره للعلاقات الدبلوماسية العربية والإسلامية فضلًا عن الفلسطينية.

لكن يبدو ترامب قائدًا مزاجيًا مستفزًا، حين يعد دولة العدو بالانتظار حتى العشرين من يناير وهو تاريخ دخوله للبيت الأبيض، حتى يتسنى له أخذ القرار.

إن نقل السفارة لا قدر الله يضع السلطة الفلسطينية أمام تحدٍ كبير، وغير مسبوق، لأنه يعني نهاية حلّ الدولتين، ونهاية المفاوضات، حتى وإن قيل هنا: إن القدس المعنية هنا القدس الغربية؟! لأنه في المقابل ثمة قرار صهيوني قديم بضم القدس الشرقية، واعتبار القدس موحدة، وعليه هنا لا يجوز الاحتجاج بالقدس الغربية.

ماذا ستفعل السلطة لو تمّ الأمر كما وعد ترامب ناخبيه، وكما وعد دولة الاحتلال؟! هذا هو التحدي الكبير. ما هو الإجراء العملي الذي ستتخذه السلطة الفلسطينية ردًا على هذا الخطر الكبير؟

يقول محمد اشتية عضو مركزية فتح: إن السلطة ترفض النقل أولًا، وستذهب إلى سحب اعترافها بدولة (إسرائيل) كما نقلت عنه جريدة فلسطين الأربعاء ١١/١/٢٠١٧م، حيث قال: إن نقل السفارة هو بمثابة إعلان عن انتهاء حلّ الدولتين، وانتهاء التفاوض، وسحب الاعتراف.

لست أدري هل يقع هذا القول في نطاق التهديد، أم في نطاق الإجراءات العملية؟! مع أننا نأمل أن يكون هذا القول جزءًا من مشروع وإجراءات عملية تتجه بفلسطين نحو لغة واضحة في مواجهة العدو في حقوقنا بغير تفريط.

بالطبع ستتجه السلطة نحو استنكار العمل إذا ما وقع فعلًا، وهي ربما أرسلت رسائل إلى ترامب تطلب منه عدم نقل السفارة، وتبين تداعيات النقل الخطيرة، وهي ربما تطلب تأييد جامعة الدول العربية، ودول منظمة التعاون الإسلامي للموقف الفلسطيني، غير أن دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل بشكل كبير جدًا، وقد لا يلتفت إلى احتجاجات السلطة، أو إلى احتجاج جامعة الدول العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي، لذا فإن السلطة مطالبة بوضع هذه الفرضية على طاولة البحث والنقاش، لتبحث في الخيارات الأخرى البديلة والمؤثرة، وذات الجدوى.

وأعتقد أن سحب الاعتراف هو أحد الإجراءات العملية، وأضيف أن حلّ السلطة، والعودة إلى المقاومة هو الإجراء الأهم، الذي يمكن أن يستنهض الأمة العربية والإسلامية، ويجعل ترامب يفكر ألف مرة قبل تنفيذ قرار النقل الخطير. الإجراءات العملية ينبغي أن تكون على قدر الحدث، ومنها أيضًا وقف التنسيق الأمني، لأنه إضافة إلى أنه جزء من الرد، فهو تخلص من أكثر ما يكرهه الشعب الفلسطيني في أداء السلطة.