فلسطين أون لاين

تقدير موقف.. هل أن إسرائيل لا تريد التصعيد في غزة؟

بادئ ذي بدء فإن الإجابة على سؤال عنوان هذا المقال بحاجة إلى معلومة، ومعلومة دقيقة من داخل غرف صناع القرار الإسرائيلي، وليس مقالا صحفيا أو تحليلا سياسيا: هل تريد إسرائيل التصعيد في غزة، وكيف يمكن قراءة رفع مستوى العدوان في الساعات الأخيرة في غزة، وسفك دماء عدد من المقاومين في وضح النهار، وإلى أي مدى يمكن فهم مآلات التصعيد الذي تريده إسرائيل حتى النهاية في غزة؟

الكثير من الحبر سال من قبل إسرائيليين اتفق معظمهم، إلى حد الإجماع، أن إسرائيل: حكومة وجيشا، لا تريد الذهاب إلى تصعيد شامل في غزة يصل حد المواجهة الشاملة على غرار العدوانات السابقة.

لكن الخطورة في هذا الاتفاق الإسرائيلي، أنه منح بعض الأوساط الفلسطينية نوعا من الأريحية في سوء فهم النوايا الإسرائيلية، ونشوء تقدير غير دقيق بالضرورة، إن لم يكن مخطئاً، أن إسرائيل قد تستوعب وتمتص أي سلوك ميداني ما، على اعتبار وجود ذلك التقدير الذي لا يستند إلى معلومة، ومعلومة دقيقة.

بين عدم رغبة إسرائيل بنشوب حرب واسعة شاملة، وبقاء حالة الاستنزاف المقلقة لها على حدود غزة، هناك مسافة وسطى، ولون رمادي أطلق عليه الجيش الإسرائيلي نظرية "المعركة بين الحروب"، ويستخدمها في عدة جبهات ساخنة: سوريا ولبنان وغزة، بموجبها يستهدف أعداءه، يضربهم، يقضي على مقدراتهم، دون الوصول معهم إلى حالة الحرب الطاحنة.

ربما لا يمتلك الاحتلال الإسرائيلي معلومة دقيقة حول نوايا المقاومة في غزة، هل تريد تصعيدا، وبأي سقف، وهل تصمت على قتله لخيرة شبابها أم لا، لكنه في الوقت ذاته يقرأ البيئة المحيطة بالمقاومة: داخليا وإقليميا، ومن خلالها يحاول التعرف على أي التقديرات الأكثر ترجيحاً، وفي هذه الحالة إما يرفع وتيرة تصعيده، وصولا لمواجهة قاسية، أو يخفضه، أو يحافظ على ذات المستوى من الاستنزاف.

أخيراً.. مع صدور هذا المقال، لا أحد يعلم كيف ستكون مآلات الأمور الميدانية في غزة، لكن الواضح أن كرة النار تتدحرج، فالاحتلال الإسرائيلي يترجم تهديداته، ويبدي قدرا أكبر من الجرأة على استباحة الدم الفلسطيني، ومع إدراكي أن الخيارات صعبة، سواء ردت المقاومة أم لم ترد، لكن من الخطأ المراهنة على عقلانية العدو، لاسيما إن شعر أنه في الزاوية أمام رأيه العام الداخلي..

مع العلم أنه في المواجهة منخفضة الوتيرة الحاصلة على حدود غزة؛ مهم أن يبقي صانع القرار أمامه هوامش للمناورة؛ ولو ضاقت مع مرور الوقت؛ فالمعادلات الصفرية:إما أو؛ مآلاتها معروفة؛ ولا أحد يريدها.. وبالتالي يصبح تغيير أدوات المواجهة؛ تخفيض بعضها؛ فتح قنوات للتباحث، وسائل مشروعة في سبيل إبعاد شبح القادم!