فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

الاحتلال يحوّل نادي "شباب خانيونس" إلى ركام

الإذاعة العبرية: القسّام يعرف المواقع الثّابتة لقواتنا ونجح بالفعل في إيقاع عدد كبير من الإصابات

مسؤول "إسرائيلي" سابق: نتنياهو غير مؤهل لقيادة البلاد وعلينا تنفيذ مطالب حماس لإعادة أسرانا

قطر: المفاوضات في حالة جمود هذه الفترة و"إسرائيل" لم تقدّم توضيحًا بشأن طريقتها لوقف الحرب

الرّشق ردًّا على سوليفان: حماس لم تتخلّف عن أي جولة من جولات المفاوضات و"إسرائيل" هي من كانت تتهرّب

"رفعوا علم الاحتلال وغنّوا نشيدهم".. مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى

لماذا أعدتُّم جنودنا إلى معارك شمال غزة؟ إليكم الصورة "القاتمة" التي يخفيها الإعلام العبري عن "إسرائيل"

"هيومن رايتس ووتش": "إسرائيل" تهاجم منظمات الإغاثة بغزة دون تحذيرات مسبقة وهذه أدلتنا

تفجير منزل وتفخيخ عين نفق.. القسّام تواصل دكّ جنود الاحتلال بمعارك "شرسة" بغزة

8 مجازر خلال 24 ساعة والصحّة تؤكد: لا يزال عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض وفي الطّرقات

كيف تتشكل نظرة الناس؟

...
أحمد السلول - مدونات الجزيرة

أمورُ كثيرة تحدث في حياتنا اليومية، وهذه الأمور تتراوح ما بين الجيد والسيئ، هذه الأمور لها تأثيرات كبيرة على حياة الأشخاص في المجتمع الواحد، تأثيراتٌ نفسية وأخرى اجتماعية. ولو نظرنا قليلاً، فإننا سنلاحظ أن نظرات الناس لبعضها البعض أصبحت حاقدة عبر الزمن. لا أدري لماذا وصلنا لهذا الحال؟ ولماذا أصبحت الناس لا تحب الخير لبعضها البعض؟ نسينا الحياة البسيطة التي عاشها أجدادنا، نسينا المودة والمحبة التي تعوَّد وتربى عليها أجدادنا، ونسينا وتناسينا ما أمرنا به ديننا الحنيف وحثنا عليه رسولنا الكريم صلى الله وعليه وسلم، ألا وهو أن يحب الإنسان المسلم لأخيه المسلم ما يحب لنفسه.

ولذا يا تُرى لما وصل حالنا إلى هذا الحد؟ ما الأسباب التي دفعتنا إلى تغيير تفكيرنا بشكلٍ يتعارض مع مبادئنا وعاداتنا؟ وكيف تتشكل نظرة الناس لبعضها البعض؟ هل هناك عوامل تلعب دورًا في هذا التشكل؟ وفي الأسطر التالية، سنطرح إجاباتٍ لكل هذه الأسئلة مستندةً إلى الواقع الذي نعيشه في حياتنا اليومية. في بداية الأمر، نفسر وصولنا لهذا الحال بالتغيرات الحاصلة في مجتمعاتنا، نفسره بالابتعاد عما تربينا عليه، نفسره بالحقد والكره الكبيرين المنتشرين بشكل كبير في المجتمع في الآونة الأخيرة. فالأسباب التي دفعت الناس لتغيير تفكيرها ونظرتها كثيرة، وأولها تفاوت المرتبة في المجتمع؛ إذ ينظر الغني للفقير على أنه أقل مرتبة وقيمة منه والعكس صحيح. فأنت تجد بعض الأغنياء يعاملون الفقراء معاملةً لا تمت بصلة للإنسانية! وهذا أمرٌ مؤسف لأننا كمسلمين انحرفنا عما أمرنا به ديننا الإسلام.

أما ثاني الأسباب فهو أن بعض الشباب قد درسوا بجد واجتهدوا وسعوا ووصلوا إلى مكانة مرموقة لم يصلوا إليها من قبل، وهنا الأمر يأخذ مسارًا آخر يتلخص في أن الآخرين ينظروا لهؤلاء نظرة حقد وكراهية لما حققوه من نجاح، ينظروا لهم كأنهم لا شيء بهدف إحباطهم وجعلهم يشعرون بالفشل رغم النجاح. وهذه الفئة متواجدة في مجتمعاتنا العربية بشكل كبير وهي تكون من الأشخاص الناجحين والفاشلين في حياتهم، أي أنها لا تقتصر على الأشخاص الناجحين كأن نقول إنهم نجحوا وحققوا مكانات عالية لهم، بل هم في ذات الوقت لا يريدون للآخرين النجاح، بل بالعكس أيضًا نجد الأشخاص الفاشلين ينظروا ذات النظرة ويسعون إلى جعل كل من حولهم فاشلين في حياتهم.

أما عن كيفية تشكل نظرة الناس لبعضها البعض فهي تتشكل من خلال عدة عوامل أهمها القدرات التي يملكها كل شخص. تتشكل نظرة الحقد عندما يشعر الفرد بأنه محدود القدرات وأنه غير قادر على تحقيق ما حققه الفرد الآخر من نجاح وذلك لأن هذا الفرد لديه قدرات مختلفة عن الآخر. وهنا أحب أن أشير لهؤلاء الأشخاص أن هناك ما يسمى بالفروق الفردية. وهذه الفروق تميز كل فرد عن الآخر من حيث ما يملكه من قدرات واستعدادات، وهذا أمرٌ طبيعي لا خلاف عليه إلا بالنسبة لأصحاب النفسيات المريضة. فأصحاب هذه النفسيات هم من ينظرون إليك بنظرة الحقد والكراهية كأنك أخذت أو سلبت شيئًا ثمينًا منهم ولهذا أنا شخصيًا أتساءل متى نصبح نحب بعضًا البعض؟ ومتى نساعد بعضنا البعض ومتى يساعد الغني الفقير وينظر إليه على أساس أن الفقر هو ليس فقر العقل وإنما فقر الحاجة. فكم وجدنا أشخاصًا فقراء ناجحين في حياتهم! وفي المقابل كم وجدنا أشخاصًا أغنياء فاشلين في حياتهم! ولذا ما لنا إلا أن نقول سبحان ربي عالم الغيب الذي بيده القسمة والنصيب.

وفي الختام، الحلول لهذا الأمر بسيطة وهي تدور حول تغيير أنفسنا وهنا أستشهد بقوله تعالى "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، ومن الحلول أيضًا الإيمان بقدراتنا مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية وكذلك الرضى بما قسمه الله لكل فرد منا وأن نحب الخير لبعضنا البعض وأن نساعد بعضنا البعض من خلال أن يساعد الغني الفقير والقوي يقف مع الضعيف والناجح يدعم الفاشل ويحفزه. وفي النهاية ما أجملنا لو بنينا مجتمعًا قويًا محبًا لبعضه البعض بعيدًا عن الكراهية والحقد! أما إن لم نفعل هذا، فمن المستحيل أن نتطور ونصبح من المجتمعات الراقية، وما هو سائد في مجتمعاتنا العربية هذه الأيام من حقد وكراهية هو ما جعلنا من المجتمعات الرجعية والمُتخلفة على العكس من بعض المجتمعات الغربية التي أخذت منا تعاليم الإسلام وآدابه ومبادئه، وأقولها بكل أسف، نحن في المجتمعات العربية تخلينا عنها ورميناها وراء ظهورنا كأنها لا تعني لنا شيئًا!

مدونات الجزيرة