بشكل تدريجي يصعد الاحتلال الإسرائيلي عمليات التهويد التي تستهدف العمارات السكنية في مختلف البلدات المقدسية في المدينة المحتلة، وذلك بهدف إلحاق الضرر بأكبر عدد من العائلات الفلسطينية دفعة واحدة وتثبيت أركان المشاريع الاستيطانية في أماكن حساسة وسط الأحياء الفلسطينية.
وبلغت نسبة عمليات الهدم في مدينة القدس نحو 44% من مجمل ما تم هدمه خلال النصف الأول من العام الجاري على مستوى الأراضي الفلسطينية، في حين أخطرت سلطات الاحتلال خلال النصف الأول من العام الحالي 190 بيتا ومنشأة أخرى بالهدم ووقف البناء، بجانب 11 حالة هدم ذاتي في القدس المحتلة، وفقا لمركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق.
عضو لجنة المتابعة في بلدة العيساوية، شرق القدس، محمد أبو الحمص، أكد أن الاحتلال يمارس سياسة التهويد والهدم بحق ممتلكات المقدسيين منذ احتلاله لكامل المدينة عام 1967م، ولكن منذ سنوات بات يجعل من هدم العمارات السكنية المألوفة من عدة طوابق هدفًا أساسيًا لها تحت عدة ذرائع.
وقال أبو الحمص في حديثه لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال يسعى لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط النفسي والاجتماعي والاقتصادي على العائلات المقدسية التي تسكن في العمارات متعددة الطوابق، عبر التهديد بالهدم بحجة عدم الترخيص ثم الدخول في دوامة المحاكم وصولا إلى تنفيذ قرار الهدم.
وأضاف أبو الحمص أن بلدية الاحتلال تسبق قرارات المحكمة وتنفذ سريعا قرار الهدم، الأمر الذي يترتب عليه تهجير ما لا يقل عن 50 فلسطينيا يقطنون في عمارة سكنية واحدة، إما إلى خارج حدود المدينة المحتلة أو إلى أحياء أخرى في القدس، وكل ذلك يأتي في إطار سياسة التهجير المتعمد بحق المقدسيين.
وأشار أبو الحمص إلى أن الاحتلال لا يمارس سياسة الهدم الفوري مع كلّ العمارات، بل يتعمد مصادرة وبسط سيطرته على تلك التي تقع في البلدات المقدسية خلف الجدار كقرية كفر عقب، بهدف جعل العمارة السكنية نواة لمشروع استيطاني وسط الأحياء الفلسطينية يمهد لاحقا لطرد السكان الأصليين واقتلاعهم من منازلهم وإحلال المستوطنين مكانهم.
بدوره، أوضح عضو لجنة الدفاع عن أهالي حي سلوان، جنوب المسجد الأقصى، فخري أبو دياب، أن الاحتلال يستهدف بشكل رئيس العمارات التي تضم في أسفلها محالَّ تجارية هي مصدر رزق لعشرات العائلات، وحينها يزيد الخناق الاقتصادي على المقدسيين إلى جانب الضغط الاجتماعي، وذلك في ظل ارتفاع معدلات البطالة في المدينة.
وذكر أبو دياب في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يعمل على محاربة التوسع الفلسطيني في القدس وفق سياستين رئيستين، الأولى تتمثل بالحد من البناء ومنع إصدار رخص البناء أو جعل إجراءات البناء الفلسطيني معقدة جدا، والثانية متعلقة بممارسة سياسة هدم ما هو قائم على الأرض، بحجة مختلفة.
وبين أبو دياب أن التهويد البصري للأحياء المقدسية يعد سببا لتعمد الاحتلال في استهداف العمارات السكنية، مضيفا: "بعدما يرفع الاحتلال العلم الإسرائيلي على أعلى العمارة، التي سيطر عليها بالقوة وسط تجمع مقدسي، يبدو المشهد العام للسائح أن جميع تلك المنازل التاريخية المحيطة بالعمارة تعود لإسرائيليين ولا وجود للفلسطينيين هنا".
وكشفت معطيات حديثة صادرة عن مركز أبحاث الأراضي، بشأن انتهاكات الاحتلال في شرقي القدس المحتلة منذ عام 1967م، عن هدم خمسة آلاف منزل بحجة عدم الترخيص، يضاف إليها هدم حارتي الشرف والمغاربة عند إتمام احتلال كامل المدينة، مشيرًا إلى أن نحو نصف المقدسيين البالغ عددهم نحو 380 ألف نسمة يعيشون في مساكن غير مرخصة.