فلسطين أون لاين

​كيفية التصرف إزاء التصعيد الإسرائيلي في غزة

تكتب هذه السطور على وقع الصواريخ الإسرائيلية التي تزيل المباني وتقتل الأطفال وتخيف المدنيين، بحجة مواجهة طائرات ورقية تحرق بعض الدونمات الزراعية في أراضينا المحتلة، وهي ذريعة تتقزم أمام حجم الضربات الصاروخية والهجمات النارية التي تتساقط بين منازل المواطنين.

يمكن قراءة هذا التصعيد الإسرائيلي عبر عوامل عدة، لعل أهمها أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، الجهة الأكثر اعتدالا وسط الزحام اليميني الذي يجتاح المؤسستين السياسية والحزبية، ويا للمفارقة، باتت تعتقد أن الردع الذي حققته بعد العدوان الأخير على غزة 2014 بات يتآكل ويتراجع، وأن النيران التي تلتهم حقول المستوطنين شرق غزة، تحرق هذا الردع يوما بعد يوم، مما يجعل الحاجة ماسة لمحاولة ترميمه، خشية أن يتبدد كلياً كلما ابتكرت المقاومة وسيلة جديدة لمحاولة كسر الحصار المفروض على غزة.

في سياق متصل، يبدو منطقياً القول إن تفعيل هذه الطائرات، التي عالجناها في مقال الأمس، قد يحتاج نوعا من التوجيه والتقنين، كي تبقى أداة فاعلة لصالح الفلسطينيين، وليست ضدهم، يستخدمونها ضد عدوهم المحتل، ولا تتحول أداة لاستنزاف قدراتهم الأخطر والأقوى.

لم يعد سراً أن المؤسسة السياسية ممثلة بالحكومة ورئيسها تتعرض لهجمة قاسية من خصومها في الحلبة الحزبية، لعجزها عن وقف المسيرات والطائرات الورقية، وطالما أننا نقترب من العد التنازلي للانتخابات البرلمانية القادمة في مثل هذه الأيام من العام القادم، فهذا يعني أننا في موسم الحملات الانتخابية، ولن يجد خصوم نتنياهو أفضل من صور الحقول السوداء المحترقة كي تتم الإطاحة به.

لا أظن البيئة الإقليمية والدولية بعيدة عما يحصل من حراك عسكري إسرائيلي قد تزداد وتيرته مع مرور الوقت، سواء ما أسفرت عنه جهود المصالحة المصرية من نجاح أو إخفاق، أو رغبة الإدارة الأمريكية بالتسريع بإعلان صفقتها السياسية القادمة، مما قد يحتاج هدوءاً مبرماً يسبق إعلانها، أو القضاء على ما سيعيق تطبيقها، وأقصد بذلك قوى المقاومة الحية في غزة.

أمام كل ذلك، يمكن قراءة السلوك الإسرائيلي بكثير من الهدوء والأناة. صحيح أن المقاومة استطاعت أن تثبت، عن جدارة واقتدار قاعدة القصف بالقصف، لكنها في المقابل قد تكون مدعوة لإعادة تموضعها أمام قراءة الأسباب سالفة الذكر في تفسير السلوك الإسرائيلي الدامي، وقد يصبح أكثر دموية مع مرور الوقت.

إن التغذية الراجعة في قراءة واقع "العدو والخصم والصديق": محلياً وإقليمياً ودولياً، قد يدفع صانع القرار الإسرائيلي للاستمرار بحملته الدامية ضد غزة، وإن كانت بعدم الوصول للمواجهة الشاملة، لاعتبارات تخصه هو، وليس أحدا آخر، مما يتطلب من قيادة المقاومة قراءة هذا الواقع الحساس الحرج لجهة تحييد أي عامل من شأنه التسريع من هذه المواجهة، لاعتبارات تخصها هي، وليس أحدا آخر!