ملح الرجال كذبها، هكذا قال العرب قديماً، حين كان الكذب قليلاً، ومبرراً، وفي المناسبات، وللتخلص من ضائقة، ولكن هذا المثل العربي لا ينطبق على حكام اليوم، فقليل الملح لم يعد يكفي الحالة العامة من الكذب المكدس على الطرقات، لذلك لا بد من القول إن حلويات الحاكم في هذا الزمن هو الكذب، ولا سيما الكذب المكشوف، الذي يفضح صاحبه، في زمن التوثيق بالصوت والصورة، وفي زمن جوجل الذي يحفظ الكلمات والجمل، وعلى سبيل المثال:
1ـ السيد محمود عباس قبل يومين يرسل بالتحية لمسيرات العودة، فهل يقصد بذلك ما يجري من مواجهات في مخيمات العودة على خطوط الهدنة؟ أيعقل ذلك؟ فكيف تبعث تحية لمسيرات العودة عبر الإعلام، لتقف ضد مسيرات العودة على أرض الواقع، وترسل تعميماً لقيادات فتح بمحاربة مسيرات العودة بما لديهم من قوة وإعلام ومال وحيلة؟؟ أي حلويات هذه؟!!!
2ـ قبل اجتماع اللجنة المركزية، قال السيد عباس: إنه لن يتوقف عن دفع مخصصات الشهداء والأسرى. فكيف نصدق ذلك، وأنت الذي تتنكر لشهداء 2014، ولم تسمح بإدراجهم ضمن شهداء القضية الفلسطينية، وما زلت تقطع رواتب المئات من الأسرى والمحررين؟؟.
3ـ قبل شهرين، وبعد انتهاء جلسة مجلس وطني رام الله، أعلن عباس بالصوت والصورة أن لا عقوبات على غزة، وأن الرواتب ستصرف كاملة غداً، ولم يأتِ الغد الذي حدده عباس حتى يومنا هذا، ولم يتطرق للعقوبات المفروضة على غزة في كلمته أول من أمس، ولم تأتِ اللجنة المركزية في بيانها على أي ذكر للعقوبات المفروضة على غزة، فهل صارت غزة تل أبيب؟.
4ـ أول من أمس، ثمنت اللجنة المركزية في بيانها موقف السيد عباس من الحفاظ على القدس ومقدساتها، وآخرها الحفاظ على وحدة الوطن وترابه!!!.
فعن أي وطن تتحدث اللجنة المركزية؟ وأين هي وحدة التراب التي حافظ عليها السيد عباس؟ وهل غزة والضفة وحدة ترابية واحدة؟ كيف نصدق ذلك؟ هل القدس المعزولة موحدة مع الضفة؟ هذا كذب شيطاني رجيم، يرتعب منه إبليس، ويقدم استقالته من قلة حيلته، وارتباك مفاصله أمام كذب الحكام والمسؤولين الفلسطينيين الذين صمتوا صمت القبور، ولم يتخذوا أي إجراء، وهم يسمعون نتنياهو يرفع الحظر على وزرائه، ويسمح لهم باقتحام المسجد الأقصى، ومع ذلك لم يتطرق بيان مركزية فتح لا من قريب ولا من بعيد لهذا العدوان، ولم يتخذ ضده أي إجراء!!
5ـ تواصل اللجنة المركزية تهديد غزة، وتهديد حماس، وتهديد الفصائل وكأن الذي يحتل القدس هم أهل غزة، وكأن الذي يقيم المستوطنات على أرض الضفة الغربية سكان جباليا؟!!
6ـ يشترط عباس على حماس تسلّم غزة بالكامل، أو تسليمها بالكامل، وفي هذه الحالة، حالة استلام حماس المسؤولية عن غزة بالكامل بموافقة عباس، تكون غزة قد انفصلت عن الضفة، وهذا مفتاح صفقة القرن، فكيف نصدق أن عباس يحارب صفقة القرن، وهو يدفع غزة دفعاً إلى الانفصال؟ ثم لماذا تسلم غزة نفسها ومقدراتها العسكرية، لتصير منهوكة الحرمات الأمنية مثل الضفة؟ لماذا لا يسلم عباس الضفة وغزة معاً للشعب الفلسطيني، ويترك الناس تختار طريق الحرية وفق تجاربها؟ هل فكر عباس ولجنته المركزية في الوقوف أمام خطاياهم لدقيقة؟.
قال الحكماء: إن أول شروط الانتصار على العدو هي الاعتراف بالواقع كما هو، والإقرار بأن الوطن ممزق، وأن (إسرائيل) تحتل الأرض الفلسطينية وتطمع بها خالصة من العرب، وأن الهدوء والسكينة مطلب إسرائيلي، وأن السلام وهم دون العدل، وأن المقاومة الفلسطينية والمناوشات الميدانية هي الرد، وهي الحل، وهي الخلاص من عفن السلطة وإرهاب المحتلين.