على حركة حماس أن تتمنع، وألا تتعجل في تلبية الدعوة التي جاءتها لعقد لقاء مع المخابرات المصرية، ولا سيما أن المصلحة السياسية العليا للشعب الفلسطيني تقضي بتشكيل وفد فلسطيني مشترك للقاء المخابرات المصرية، وفد يمثل كل القوى السياسية والتنظيمية التي تتوافق مع حركة حماس على رفض التفرد بالقرار الفلسطيني، وترى بضرورة رفع العقوبات عن غزة، ورفع الحصار، وتواصل مسيرات العودة، كشرط ضروري للتصدي لصفقة القرن.
إن عدم مشاركة بقية الفصائل والقوى السياسية لوفد حركة حماس الذي سيلتقي مع المخابرات المصرية، سيترك في نفوس الفصائل والتنظيمات المتحالفة مع حركة حماس ضد الاحتلال غصة سياسية، وسيتركهم حائرين، ينتظرون نتائج حوار حركة حماس مع المخابرات المصرية بعين الريبة وعدم الارتياح، حتى ولو أطلعتهم حركة حماس على تفاصيل اللقاءات..
إن عدم تشكيل وفد فصائلي مشترك، والاستجابة السريعة من قبل حركة حماس للدعوة المصرية، سيعطيان فرصة للمخابرات المصرية لتنفرد بلقاءات ثنائية مع كل تنظيم في غزة على حدة، وهذا خطأ لا يصب في صالح حركة حماس، فطالما كانت القضية الفلسطينية تخص جميع القوى السياسية، فإن الواجب يقضي بأن تسمع مصر صوت الشعب الفلسطيني من خلال كل التنظيمات؛ التي توافقت فيما بينها على رفض صفقة القرن، ورفض حصار غزة، ورفض العقوبات، والتقت في هيئة عليا ضمن مسيرات العودة.
على حركة حماس أن توصل رسالتها إلى المخابرات المصرية، والتي تؤكد أن الانقسام قائم بين نهج سياسي يتساوق ميدانياً مع صفقة القرن، ونهج سياسي يحافظ على الثوابت الوطنية، ولا انقسام بين حركتي حماس وفتح، وإنما هنالك انقسام بين كل القوى السياسة والمجتمعية من جهة، وبين رئيس السلطة الفلسطينية ومن لف لفه من جهة أخرى.
وستجد حركة حماس بالفصائل الفلسطينية خير داعم لها أمام المخابرات المصرية، وستجلس حماس معززة بالصمت، في حين سيسمع المصريون لصوت حماس من خلال الفصائل والقوى السياسية الرافضة لنهج عباس؛ الذي أقصى الجميع دون استثناء، وستجد حماس من يحارب بمعركتها ضد حصار غزة، وضد العقوبات، وضد تفرد فئة فلسطينية بالقرار السياسي، واستئثارها بالوظائف العمومية المهمة، وسيطرتها على الأجهزة الأمنية، وعلى كل شأن فلسطيني.
لقد جسد واقع غزة الحياتي والميداني شراكة سياسية بين القوى السياسية الحية والفاعلة، ومن الضرورة أن تتجسد هذه الشراكة في اللقاءات مع المخابرات المصرية، ومع ممثل الأمم المتحدة ميلادينوف، ومع السفير القطري العمادي، ومع كل زائر يصل إلى غزة، ويحمل في جعبته حلولاً لأوضاعها المعيشية، فمثل هذه الشراكة يعزز الوحدة الوطنية، ويرتقي بالقضية الفلسطينية من المسارب التنظيمية إلى المسارات الوطنية المشتركة، والتي تؤكد أهمية ميدان المواجهة في صياغة القرار السياسي، وفي تزكية القيادة الحقيقية للشعب.