لا ضير أن يعرف شعبنا الفلسطيني أن الشهيد الطفل ياسر أبو النجا هو ابن "أبو حنيفة" القيادي في كتائب القسام، فالعدو الإسرائيلي الذي استهدف الطفل ياسر، كان يعرف هذه الحقيقة من خلال عشرات الكاميرات، وكان يقصد بمقتل هذا الصغير أن يضغط على عصب الحزن والتفجع لذاك الكبير، الذي يجهز رجاله، ويستعد لمواجهة محتملة في كل لحظة مع مغتصب فلسطين.
ولا ضير من مواصلة التأكيد عبر كل وسائل الإعلام، أن الطفل الشهيد ياسر أبو النجا، هو ابن أحد قادة كتائب القسام، لأن في هذا التأكيد تتحقق ثلاث فوائد سياسية:
أولى هذه الفوائد يتمثل في إيصال رسالة لقادة الكيان الصهيوني، بأن القائد العسكري الذي يرسل ابنه إلى خطوط الهدنة، بلا سلاح، ليهتف بحق شعبه بالعودة، هو قائد لديه ما يفاجئ عدوه في لحظة الحقيقة، ولن يظل متفرجاً على شلال الدم الدافق، ولن يظل صامتاً إلى الأبد على هذا العدوان المتواصل من جنود الاحتلال على الأطفال العزل والشعب المطالب بحقه في العودة.
وثاني هذه الفوائد يتمثل في النفي العملي لاتهامات المندسّين بين أبناء الشعب الفلسطيني، أولئك العملاء الذين وظفتهم المخابرات الإسرائيلية لتشويه وجه قادة المقاومة، والادعاء المتكرر في أوساط الشعب الفلسطيني بأن قادة مسيرات العودة يرسلون أولاد الناس البسطاء للموت، ويلفون أولادهم بورق الورد، وأزعم أن هذا المنطق الدفاعي عن الوعي الفلسطيني، وعن الحق في مقاومة الاحتلال، جاء تأكيد القيادي في حركة حماس، الدكتور صلاح البردويل، حين قال: إن معظم شهداء يوم النكبة، والذين تجاوز عددهم الستين شهيداً، من أبناء قادة في حركة حماس، وهذا الاعتراف لا يشوه وجه الوطن، ولا يعاند الحقيقة، التي حاول العدو نتنياهو توظيفه إعلامياً، دون أن يواجه بموقف رسمي فلسطيني يؤكد للعالم بأن أبناء حركة حماس وأبناء حركة الجهاد والشعبية والديمقراطية والأحرار والمقاومة الشعبية وحركة فتح، هم الوطن فلسطين؛ وهم مجتمعون يشكلون فسيفساء المواجهة مع عدو يغتصب أرضهم، ومن حقهم المقاومة، بل من واجبهم المقاومة، وجبن ومذلة منهم والصمت والهدوء، عدم مقاومة للمحتلين.
إن الاعتراف بمشاركة أبناء قادة المقاومة في مسيرة العودة لا يعني التمايز بين الشهداء، كما يدعي أعداء المقاومة، بل على العكس من ذلك، ففي التأكيد على مشاركة أبناء قادة التنظيمات شعبهم في مسيرة العودة، تأكيد على أن الشعب هو المقاومة، والمقاومة هي الشعب، وفي ذلك حث على الثقة بالقيادة بمقدار وفاء القيادة للوطن، وعطائهم من أولادهم وأموالهم، وهذه حقيقة يجب أن تعزز لدى الشعب الفلسطيني الذي عرف عنه احترامه للقيادة بمقدار التضحية، وعرف عنه احتقاره للقيادة التي تفتش عن المكاسب والفنادق والحسابات البنكية وبطاقات vip.
أما ثالث هذه الفوائد فتتمثل في رسالة أهل غزة إلى إخوانهم في الضفة الغربية، والتي تقول: يا أهلنا في الضفة الغربية، إن الشهداء على خطوط الهدنة هم أبناء قادة المقاومة، وقادة العمل السياسي، وقادة مسيرات العودة، وقادة العمل الميداني، وبهذا تميزت غزة التي لن تقبل بين صفوفها قادة لا يتقنون فن التضحية، ولا يتفننون في العطاء في كافة المجالات، لذلك كان الحصار على غزة، ولذلك كانت العقوبات على أهل غزة، والتي تهدف إلى كسر هذه الروح الوطنية الصادقة، وتهشيم ثقة المقاومين بالنصر، من خلال الضغط على الشعب الذي أدرك الحقيقة، فتفجّر غضباً، ومسيرات عودة في وجه عدوه الإسرائيلي، معلناً بصوته الواثق والقوي أن المقاومة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.